خان الخليلي > مراجعات رواية خان الخليلي > مراجعة Mostafa Farahat

خان الخليلي - نجيب محفوظ
تحميل الكتاب

خان الخليلي

تأليف (تأليف) 3.9
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

فاللقاء منتظر،والتقاء العينين مرتقب،والتفاعل محتمل،والانفعال مؤكد،ومن يدري بعد ذلك ماذا يحدث؟،سيرمي بالقلب في بحر لجي يعلو به أمل ويسفل به قنوط،ويذهب به رجاء ويجئ به يأس،ويخيفه أفق مظلم ويطمئنه شاطئ آمن،فما يدري أين المستقر ولا أيان المنتهى،وحسبه من السرور يقظة دبت في أرض موات،وليقظة القلوب فرحة وإن أدى الأنسان ثمنها من دمه وراحة باله. اعتدت لأا أتعامل مع أدب نجيب محفوظ بوصفه نصوصًا أدبية تجسدُ صراعات وأحداث تتداخل مع بعضها لتخحرج لنا في النهاية تحفةً أدبية مُطعمة بأصداف من الحكاية والبلاغة والإطناب الذي تزينه لغة رصينة لا تعرقلها التشبيهات والمجازات التي تحدو بالقارئ إلى الملل والسأم سريعًا من النص كعادة القراء الذين يفقدون شهيتهم حيال تلك النصوص.

أدب نجيب محفوظ دائمًا ما يقع من نفسي موقع الكتاب التاريخي،الذي استطاع أن يسحب عالم ما بعد الأربعينيات بكامله إلى كتب لا تتجاوز الأربعمائة صفحة، فكان لنا بمثابة النافذة التي نرتفقها لنطل منها على هذا العالم وما يحفل به من أحداث،ويصور لنا الصراعات الداخلية التي تعتمل في نفوس الأفراد.

كما كتب نجيب "بين القصرين، قثصر الشوق، السكرية، وزقاق المدق" أراد ألا يخرج من تلك الحالة قبل أن يتجوّل بنا داخل حي "خان الخليلي" ويقرأ لنا عبر شخصياته معالم هذا الحي القديم قدم الزمن، ربما كان هذا هو السبب الذي دفعه إلى أن يستطرد في التفاصيل ويتمادي أكثر في رسم ملامح كل شخصية من شخصيات الوراية،وكأن كل شخصية منهم تحمل سمت كل أهل الحي، حتى أسرة "أحمد عاكف" التي نقلت من السكاكيني إلى الحي،بعد أن زادت حدة صفارات الإنذار نتيجة الطيارات التي كانت تلحق في سماء القاهرة أثناء الحرب، مما كان يضطرهم إلى اللجوء كثيرًا إلى المخبئ عقب صفارات الإنذار.

نجيب في الرواية هنا، يضرب على وتر حساس جدًا، فهو يتحدث عن العبثية التي تنطوي عليها الحياة، فأسرة أحمد عاكف التي هجرت السكاكيني وذهب إلي حي "الحسين" كي يكونوا في حماة يلتمسون في رحابة الأمن والهدوء، لم يمنعهم ذلك من الطائرات المحلقة التي تضرب القاهرة وينتقلون على إثرها إلى المخبئ مرة أخرى، كأن نجيب بهذا يؤكد على معنى أن عدم الراحة هي مرادف من مرادفات الحياة،وطالما ما زلنا نعيش في كنفها فلابد وأن نعتاد تقلباتها التي تهوي بنا من ربوة الأمل أحيانًا إلى هاوية السقوط.

هل حقًّا تستمر الحياة على وتيرة واحدة لا يمكن أن تتغير؟ الإجابة كما قالتها رواية نجيب "لا" لا يمكن أن تسير الحياة في خط واحد، فما هي إلا تعرجات تقود إلى منحنيات إلى تصل إلى خط مستقيم في النهاية يتمثل في موتك، نجيب عرى الحياة في هذه الرواية من كل شئ حتى تتبدى لك في النهاية أنها لا تستحق كمّ العناء والمشقة التي نبذلها في سبيلها، فأحمد عاكف الذي ظل طوال حياته يبحث عن حياة وديعة هادئة وظل يبحث عنها طوال حياته،وهذا جعله يكفر بكل شئ فيما عدا الكتب التي كان يجد فيها نفسه ويفرغ فيها مقته ونقمه على الحياة، وعندما بجدوى حياته التي تستحق أن تُعاش، هوى من ربوة الأمل المشوب بالحب إلى هاوية الفشل والخيبة، عندما اتضح له أن فتاته التي شغف بها حبًّا تعلقت بأخيه الوحيد "رشدي عاكف"،وهذا ما ضاعف من ألمه وعذابه فبات يعاني ألمين وعذابين.

هل من الممكن أن يدوم أي شئ؟

يجيب نجيب مرة أخرى بالنفي، لا شئ يدوم، ففي اللحظة التي توقن فيها بأنك ملكت كل شئ، تصحو على حلم مخيف يخبرك بأنك في الحقيقة لا تملك أي شئ، رشدي عاكف، الشاب العابث اللاهي، المزهو بجماله وجدته، استيقظ فجأة على حلم مخيف بدد السعادة المرتقبة خلف زواجه من فتاته التي أحبها أخوه قبله، فوجد نفسه فجأة مُلقى في مصحة حلوان بعد إصابته بمرض السل،ليموت في النهاية وهو معذب النفس،عبر شخصية "رشدي" رسم نجيب صورة حقيقية للحياة التي تأخذك من قمم القوة إلى هاوية الضعف والخور والعجز.

أؤمن دائمًا بأن الكاتب المميز هو الذي يستطيع أن ينقلك من مقاعد المتفرجحين ويجعلك جزءًا من الحدث، وهذا بالضبط ما فعله نجيب،عندما استطاع أن يضعني إلى جوار الشخصيات،ويعتمل بداخلي كافة المشاعر التي مروا بها في مواقفهم المختلفة، التي تنوعت ما بين الحب، الخوف، الحزن، الشفقة، الأسى، الاضطراب،الخيانة،العذاب النفسي، الألم الداخلي.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق