اذا بدونا لكثيرين من الأجيال السابقة أو اللاحقة ملائكة ساقطين ، فما ذلك إلا لأنهم يصدقون في ملائكيتنا أكثر مما يجوز تصديقه في بشر. فالحالمون في عصرنا على الأقل لم يعودوا أناسًا مسبلي الجفون على نظرة سارحة ( وأشك أنهم كانوا كذلك في أي عصر) وإنما هم أولئك الذين اخترقتهم كل الأوحال التي أثارها تمردهم وخصوصية المأساة عند جيل خاض تجربة التمرد هي أنه مهما كان مآل كل واحد من أبنائه سواء سار في سكة السلامة ( طريق التوبة ) أو الإذعان لقوة الأمر الواقع وحتى إعلان الكفر بكل قيم التمرد القديم، أو طريق الندامة ( الانهيار، اعتزال الحياة، المرض النفسي ) فإنه شاء أم أبى لا بعود أبدًا نفس الشخص الذي كانه قبل أن تبتليه غواية التمرد، لقد مسه سحر الحلم مرة، وستبقى تلاحقه دومًا ذكرى الخطيئة الجميلة - لحظة حرية، خفة لا تكاد تحتمل لفرط جمالها تبقى مؤرقة للضمير وملهمة ككل لحظة مفعمة بالحياة والفاعلية ومؤلمة فالواقع أن " سكة اللي بيروح ما يرجعش " ليست سكة ثالثة، إنما هي كامنة في قلب اللحظة التي تقامر فيها بوجودك لتتبع حلمًا، ويستوي بعد ذلك أن تسير في سكة السلامة أو الندامة، فأنت حتمًا لن تعود أبدًا نفس الشخص الذي كنته قبل أن تبلوك غواية التمرد. وليس فقط لانه جميل ، فلأن التمرد لحظة حرية استثنائية ، استثار كل ما فينا من من نبالة وأيضا اهاج كل مافينا من وحشية وحين اتخذ المنحنى مسار الهبوط كما يحدث عادة فى النهاية بقيت صورة فظاظتنا ( التى ارتكبناها والتى ارتكب فى حقنا على سواء ) دون غطاء يداريها الآن ، دون سياق تاريخى يبرر ودون اندفاع نبيل يوازن ولقد اُقفلت كثير من الجروح دون تطهير فثمن المواجهة كان فوق الطاقة فى احيان كثيرة فأبقت الوساخة بالذات على الجرح حيا لايندمل ولايموت رغم دفنه عميقا لايراه احد وكانت هى الثمن الذى مازال بعضنا يسدده حتى الآن بما حتى فى أكثر علاقاته حميمية ولا هو يكف عن الهروب ولا الجرح يكف عن جلده لو من خلف ستار الوعى وبعضهم يحوم حول موضوع جريمته بالذات تماما كما تردد الحكمة البوليسية ، كساقط يائس من العفو
خاتمة الكتابة هى افضل مرثية لثورة يناير وكان لابد ان يكون للحكاية بقية يبتديها جيل السبعينات وننهيا نحن جيل ثورة يناير او كما اُطلق علينا " المغتصبون
عن التقييم والريفيو يبدو لى اننى لن افعل ذلك يوما فالحقيقة عندما تُحكى ليس لنا الا ان نُصدق فقط