" وقد يُقال إن الله خلق لكل شئ حداً يوقف عنده ، ومن تجاوز فى الأشياء حدَّها أوشكَ أن يلحقه التقصير عن بلوغها ، والمتجاوز الحد والمقصر عنه سيان بالنسبة إليه ، لأن كليهما زائغٌ عنه فى الحالين جميعاً ، ويقال : من كان سعيه لآخرته ودنياه فحياته له وعليه ومن كان سعيه لدنياه خاصةً فحياته عليه ، ومن كان سعيه لآخرته فحياته له .. "
الكتاب وضعه علماء الهند يحتوى على الحكم والأقوال الواردة عن علماء الهند ، حيث حاولوا فيه أن يصلوا إلى أقصى درجة يمكن أن يصل إليها الإنسان من البلاغة والجمال ، الكتاب مثال على أن اللغة ما زالت له أثر ووقع فى القلوب لا يقاوم ، وأن الحكمة إذا اقترنت بروعة التعبير ، ودقة التصوير ، وجمال التشبيه ، أسرت القلوب لفرط عذوبتها ، وسددت نصالها للقلوب ، الكتاب أكبر من أن أكتب عنه نقداً ، لأنثر فيه بعض الجمل التى تدل على عظمته ، لأنه أكبر من هذا بكثير ، لأنه أخشى بعجزى وضعفى عن وصفه أن أنقصه وأبخسه حقّه ، فأفسدُ حين أريد الإصلاح ، وأضر حين أريد النفع .
الشئ المميز فى هذا الكتاب أنه جعل الكلام تتناقله ألسنة الطير ، ليكون ظاهرةً للخواص والعوام ، ثم ضمّن فيه ما يحتاج إليه الإنسان من سياسة نفسه وأهله وحياته ، وجميع ما يحتاج إليه فى دينه ودنياه وآخرته ، كما تناول الحكمةَ التى يجب أن يكونَ عليها الملوك والرؤساء ، من حسنِ السيرة والعدل ، فصار الحيوان لهواً وما ينطق به حكماً وأدباً