آنا كارنينا > مراجعات رواية آنا كارنينا > مراجعة zinova

آنا كارنينا - ليو تولستوي, صبحي سلامة
تحميل الكتاب

آنا كارنينا

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

****

ان قصة هذه الرواية غنية عن التعريف فهي تتناول موضوع الخيانة الزوجية _وهو موضوع شائع قد اشبع تحليلا ونقاشا_ خيانة انا لزوجها رجل الدولة المروموق الذي كان يكبرها بفارق 20 سنة , هي الشابة الجميلة والجذابة . وهناك العديد من النسخ المختصرة للرواية قد تناولت فقط قصة انا واغفلت تماما شخصية ليفين

الذي يعد محورا رئيسيا بالقصة , ولولا عنوان القصة لكنت اعتبرته بطلا لها نظرا للاهتمام والتركيز الذي اولاه تولستوي لهذه الشخصية ,وان كل عارف بتولستوي سيتضح له جليا ان قسطنطين ليفين ليس الا تجسيدا لجانب كبير من شخصية وحياة تولستوي نفسه .

النسخة التي قرأتها كانت بترجمة صياح الجهيم ,في مجلدين من 1238 صفحة . تتناول المقدمة ما يشبه تأريخا لمراحل كتابة هذه الرواية ولا انصح بقرائتها قبل انهاء الروااية لانه يتضمن حرقا . خلاصة هذه المقدمة بعيدا عن الحرق هي كالاتي :

بعد الحرب والسلام وخلال عمل تولستوي على مؤلف "كتب القراءة الاربعة" اخبر زوجته صوفيا سنة 1870 بمشروع رواية عن امراءة متزوجة من الطبقة الارستقراطية ضلت سبيلها وكيف انه ينوي عرضها على انها جديرة بالعطف والشفقة , لكن بعد مرور سنتين وبعد انهاء عمله "كتب القراءة الاربعة" تلاشى هذا المشروع من ذهنه ليحل محله اخر عن رواية تاريخية في عهد بطرس الاكبر الا انه سرعان ما تخلى عنه ايضا , لتعيد فاجعة وقعت عند جيرانه بالريف _انتحار عشيقة احد الملاك اسمها انا بيروغوف_ مشروع المرأة الارستقراطية الى الواجهة . فتقول زوجته ان منظر هذه المسكينة بجمجمتها المكشوفة واوصالها المتقطعة قد اثر بليون بشكل مروع وانطبع فيه بعمق .

ويستمر بعد ذلك الكسندر سولوفييف في توضيح كيف كان تولستوي لا ينوي ان يحيد عن الثالوت الكلاسيكي (الزوج الزوجة والعشيق) حيث كتب لصديقه في اخر شهر مارس سنة 1873 ان روايته ستكون جاهزة بعد 15 عشر يوما , لكن في الحقيقة قد استغرقه الامر سنة كاملة لينهي الجزء الأول من القصة فقط .

"جميع الاسر السعيدة تتشابه, لكن كل اسرة تعسة فهي تعسة على طريقتها"

بهذه القولة يفتتح تولستوي روايته , ليلج بعدها الى منزل ال اوبلونسكي الذي كان مقلوبا رأسا على عقب بسبب خيانة الزوج لزوجته مع مربية ابنائهم الفرنسية . يركز الكاتب على ابولونسكي الى ما يزيد عن ال 40 صفحة حتي خيل الي انه لا بد واحد من الشخصيات الرئيسية لولا الاشارة الى كونه اخ انا كارنينا , وانه بعث اليها يرجو حضورها _وياللمفارقة_ بغرض مصالحته مع زوجته دولي _التي كانت تعز انا وتعدها من افضل صديقاتها_ وظهور ليفين قسطنطين صديق ابولونسكي الحميم ، الذي كان يقطن بالريف وكان احد اللملاك الكبار فيه, زار صديقه ستيفا ابولونسكي ليعرف رايه في موضوع مهم له على الاقل .

وهكذا يتوجه التركيز على شخصية قسطنطين , الذي كان يريد خطبة كيتي تشيرباتزكي (من ال تشيرباتزكي) وعلى عكس ستيفا فقد كان من الواضح ان ليفين سيكون له مكانة خاصة في الرواية .

وها هي الرواية قد تجاوزت صفحتها المائة ولم تقدم بعض البطلة انا كارنينا , وفي الحقيقة لم يعد اهتمامي بانا اشد منه باهتمامي بليفين فالموقف القاس الذي تعرض له فقد تم رفضه من الفتاة التي احبها ( ولو بتاثير من والدتها الاميرة ) لاجل الضابط فرونسكي , وشخصية ليفين كل هذا لابد ان يجعلك مهتما به راغبا في معرفة مصيره .

وبعدما يكاد القارئ ينسى البطلة ويبرد شوقه في التعرف اليها , يقدمها لنا تولستوي بطريقة ساحرة واسلوب جذاب , فمشهد نزول انا من القطار كان مليئا بالحيوية فحادثة القطار التي راح ضحيتها احد الفلاحين( فأل سيء) وجمال انا الذي لفت كل الانظار اليها ولحظة مرور فرونسكي بجانبها حيث سحر بعضهما البعض في هذا المشهد الذي يعلق في الاذهان تنجلي عقدة القصة الرئيسية . بعد رفض كيتي لليفين -ولو انها كانت تحبه، الا ان سحر الضابط كان اقوى- كانت تظن المسكينة ان فرونسكي سيعلن لها عن حبها ويخطبها في الحفلة الراقصة الا هذا الاخير كان مفتونا هائما بانا و خاصة عندما راقصها حيث لاحظ الجميع انجذابهما لبعضها البعض, وهنا كانت فاجعة كيتي التي بلغت عامها 18 فقد صدق فيه راي اختها دولي ووالدها (الامير تشيرباتزكي) الذي كان يرى فرونسكي شابا طائشا كل غرضه هو اللهو والمجون ،والذي خاصم زوجته لتحريض ابنته على رفض ليفين فقد كان يحبه هو وأختها دولي (زوجة اوبلونسكي) .فبعدما رفضت كيتي ليفين الذي كان يحبها حبا صادقا تلقت ردا قاسيا هي الاخرى (instant karma).

يعود ليفين بعد ذلك للريف الى املاكه خائبا حزينا مستسلما لمصيره, وفي طريقة تصوير تولستوي للامر ظننت ان نهاية خط ليفيني بالقصة قد انتهى . الا ان ذلك قد بدى غريبا فالرواية لم تتجازو المائتي صفحة وبقي ما يزيد عن الالف , فهل كل هذه الصفحات ستكون عن فرونسكي وانا وزوجها ؟؟ لقد بدى ذلك مستحيلا حتى اني ظننت ان احداث نهاية المجلد الاول هي النهاية الفعلية خاصة بعد ما اصاب انا ومحاولة فرونسكي للانتحار كان كل ذلك يزيد من يقيني ان الرواية ستنتهي بناهية هذا المجلد وان المجلد الثاني سيتضمن تفسيرات واراء النقاد بالرواية , لكن ما حدث هو العكس تماما فالقصة ازدادت تعقيدا لتتيح لتولستوي الفضاء لكتابة مجلد ثان بمثل سماكة الاول .

يستمر تولستوي بالتركيز على مصير ليفين وكيتي على عكس ما ضننت فالاخيرة قد اصيبت بالاكتئاب ,وارتئى طبيبها السفر كحل لمعالجتها فسافرت مع والدتها الى المانيا لتعرف العديد من الاحداث ساهمت في تطوير شخصيتها ونضجها ،اما ليفين فقد انهمك في اعمال الفلاحة وشارك الفلاحين حياتهم محاولا ان يتناسى همومه وهكذا ينتقل المؤلف من الريف الى موسكو ثم الى سان بطرسبرغ خروجا الى اوروبا كيتي بالمانيا وسفر فرونسكي وانا بعد ذلك الى ايطاليا باسلوب مبهر ليتفنن في الوصف الذقيق لانطباعات الشخصيات وانفعالاتها , اضافة الى البيئة المحيطة , كما يمرر ارائه في مختلف المجالات سواءا السياسية ، الدينية، او الاجتماعية

فلا يخفى علي اي قارء للرواية التناقض في موقف المجتمع من الخيانة الاولى خيانة الزوج (اوبلونسكي) والخيانة الثانية خيانة الزوجة , حيث اصبحت انا منبوذة يتجنبها الجميع حتى من كانو مقربين لها في حين ان الرجل سياسمحه المجتمع ويحتضنه وكان شيء لم يكن . وحتى في مجال الفلاحة لتظهر ثقافته الغزيرة ودقة ملاحظته الهائلة في وصف جمال الريف وروعته وعمليات الزراعة والحصاد اضافة الى طباع الفلاحين ومختلف انشطتهم , التي ابهرت ليفين وخففت عنه .

قد يمثل فرونسكي مرحلة شباب تولستوي عندما كان ضابطا بالجيش يقضي وقته في القمار واللهو بملاحقة النساء الغجريات , الا ان ليفين يمثل الجانب الاهم يمثل تولستوي المتشكك الملحد ان صح التعبير , الغارق في التفكير , وللعلم فقد ورث تولستوي ايضا اراضي شاسعة اشرفها عليها لما يقارب السنتين , وطريقة مصارحة كيتي لليفين او لبعضهما البعض عن حبهما كانت تماما كتلك التي بين تولستوي وزوجته صوفيا , وسن كيتي وليفين عند الزواج كسن صوفيا وتولستوي عند زواجهما .... ان ما قاله ليفين عن انه كان يخبئ اي حبل يظهر له خشية ان يشنق نفسه تعبر عن ازمة الشك الحادة التي مر تولستوي بها , ففي النهاية يمكن اعتبار جزء لا بأس به من الرواية كسيرة ذاتية غير مباشرة للمؤلف ، حتى ان العديد ممن كان محيطين بليون قد تعرفوا انفسهم في شخصيات الرواية كنائب حاكم موسكو الذي راى نفسه في ستيفان ابوولونسكي .

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق