مذكّرات قبو > مراجعات رواية مذكّرات قبو > مراجعة zinova

مذكّرات قبو - فيدور دوستويفسكي, أحمد الويزي
أبلغوني عند توفره

مذكّرات قبو

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.1
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

****

هي رواية للاديب الغني عن التعريف دوستويفسكي , رواية قصيرة اذا ما قورنت مع "الجريمة والعقاب" فهي لا تتجاوز المائتي صفحة الا انها لا تخلو من العمق الفكري والنفسي الذي تتميز به جميع اعمال المؤلف .ان بطل هذه القصة اشد بءسا وتعاسة من راسكولنيكوف بطل الجريمة والعقاب , شخصية بلغت من احتقار الناس واحتقار الذات ما يفيضه به القلب مرارة , انه لا يمكن حتى اعتباره بطلا وهذا بشهادته هو نفسه "إن كتابة رواية من الروايات لا بد لها من بطل، أما أنا فقد جمعت، كأنما على عمد، جميع الصفات التي يتصف بها (نقيض البطل)" .

تدور الرواية عن موظف في الاربعينيات من عمره سلك حياة العزلة والوحدة بمجرد ان اتيحت له الفرصة بعدما ورث 6000روبل عن احد اقربائه فسارع بالاستقالة من عمله ليعيش على اطراف المدينة في غرفة قذرة دميمة على حد تعبيره . تبتداء القصة بتعريف البطل لنفسه " انا رجل مريض رجل خبيث .لست امتلك شيئا مما يجذب او يفتن .." ليسترسل بعد ذلك فيما يشبه الاعتراف . صديقنا يعتبر نفسه اذكى من الاخرين بل يظن نفسه مصابا بمرض فرط الادراك والشعور " أقسم أيها السـادة أن شـدة الإدراك مـرض,مرض حقيقي خطير " ويرد قعوده وخموله الى مرضه هذا معزيا نفسه بان الانسان الذكي لا يفلح قط في ان يصبح شيئا "لم أستطع أن أصبح أي شيء، لم أستطع أن أصبح حتى شريرا. ولا خبيثا ولا طيبا، ولا دنيئا ولا شريفا، لا بطلا، ولا حشرة، وأنا اليوم في هذا الركن الصغير، أختم حياتي، محاولا أن اواسي نفسي بعزاء لا طائل فيه، قائلا أن الرجل الذكي لا يفلح قط في أن يصبح شيئا، وأن الغبي وحده يصل إلى ذلك".

نعم ان البطل رغم ما يكنه من احتقار وازدراء للاخر الا ان احتقاره لنفسه اشد واعنف .ان اعتراف هذا الرجل ليس كاعتراف روسو (اعتراف للاخرين ) انما هو اعتراف المرء لنفسه , وما اشقى ان لا يكذب المرء على نفسه_ "أكثر الأكاذيب شيوعا هي الأكاذيب التي نوجهها لأنفسنا .... أن تكذب على الآخر فهذه حالة نادرة مقارنة بكذبنا على آنفسنا" . نيتشه _ الا ان افراطه في احتقار ذاته ليس نابعا الا من صراحته المفرطة مع نفسه وفي ذلك احترام لذاته "من يحتقر نفسه مازال يحترم نفسه بوصفه محتقرا": نيتشه .

يهاجم البطل بلسان دوستويفسكي المذاهب المادية والنفعية ويسفهها ,ساخرا من الاعتقاد القائل بان تنوير الانسان وتبصيره بمصالحه الحقيقية كفيل بجعله يكف عن اجتراح الشر والفعل الدنيئ , ذلك ان الانسان في رايه ما هو الا كائن عاق يوثر حريته على كل هذه المنافع والمصالح مهما كانت التكاليف باهظة , وهذا ما تشهد عليه الاف السنين من تاريخ البشرية : "وهب ان العلم استطاع في يوم من الايام ان ينظم الاعمال الانسانية وفق قوعد محسوبة وان ينشئ حكمة عاقلة فانه سيوجد انسان يهتف قائلا : الا فلتنقلب كل هذه الحكمة بركلة من ارجلنا ايها السادة ,الا فلنرسل جميع هذه اللوغارتمات الى الشيطان لنيعش بعد ذلك على ما يشاء لنا هوانا .وسيجد هذا الانسان بشرا يقلدونه " . ولعل اشهر مثال قد يضرب في هذا السياق هو خطيئة ادم .

اما الجزء الثاني من الرواية فهو يدور عن ذكريات البطل في شبابه حيث انه منذ ذلك الحين كان ذو طبيعة انعزالية كثير الصمت ولا يخالط زملائه . فان كان الجزء الاول يشبه الى حد ما بحثا فلسفيا وسيكولوجيا فان هذا الجزء اقرب الى عنصر الرواية من سابقه فهو يستحضر شخصيات واحداث حية من ماضي البطل .

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق