كل الأسماء > مراجعات رواية كل الأسماء > مراجعة مبارك الهاجري

كل الأسماء - جوزيه ساراماجو, صالح علماني
أبلغوني عند توفره

كل الأسماء

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.9
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الفكرة في حد ذاتها مبتكرة وملتقطة من كومة القش التي ربما نعثر بهاً دائماً في حياتنا؛ لكننا لا نكتفي بالعجز بالحديث عنها بل بأن نستطيع فعلاً الحديث عنها بإتقان كالذي بدا من ساراماغو في صعوده ذلك المسلك الوعر في الرواية.

الفكرة تقوم على المصادفة؛ ولولا هذه المصادفة ما كانت الأحداث وما كان البناء المتين ولا كانت الرواية أساساً. كثير من الروايات يعتمد المصادفة على أن تكون المؤشر البياني الصاعد إلى الخروج من العقدة، لا الدخول فيها وارتكاز الرواية بمجملها عليها كما هي هنا في كل الأسماء.

ذلك الروتين القاتل وتلك الاعتيادية التي تشي بالموت في خضم الحياة هي من بعثت بذلك العبث الذي قفز بدون جوزيه من موظف تقليدي جامد في السجل المدني إلى باحث مغامر بل ومقامر ومزور يحاول إشباع رغبته المضادة للملل بكل ما أوتي من قوة لكي يبقى على قيد الحياة معنوياً لا أكثر.

تلك البطاقة المجهولة للمرأة المجهولة التي التصقت بإحدى بطاقات وقائع المشاهير التي يحب أن يجمعها كانت البداية لرحلة الألم الممزوج بالمتعة، الوجع المختلط باللذة. شيء ما دفع في نفس دون جوزيه إلى أن يبحث عن ذلك الذي لا يأبه به الضوء، هناك نوعٌ من الولاء لمثل أولئك البشر ربما لأننا هم في النهاية.

كل المغامرات التي أقدم عليها وهو الذي لا يتمتع بالجسارة التي يعرفها من نفسه كانت منطقية تبعاً لطور التحولات التي طبعت على شخصيته من خلال الدافع الحياتي الغريب في هذه المهمة التي أولاها على نفسه. كان ساراماغو ذكياً جداً بل ومبهراً حينما قطع القارئ قبل دون جوزيه عن ذلك الاتصال شبه المادي مع شخصية المرأة المجهولة حينما ابتكر موتها؛ ليجعل الاتصال روحياً فقط وهو ما يجعل النهاية التي كان يخشاها دون جوزيه وقعت لكنها ليست إلا بدايةً لذلك الشيء الخفي في نفسه ونفس كل محتاجٍ إلى شيءٍ ما هو أشد ضرورة في البقاء بمعيتنا.

سير الرواية كان حركياً وإن كان لا يعتمد في حركته في الغالب إلا على شخص واحد؛ كما أن عنصر التشويق بدا في تصاعد مطّرد دون خلل في تسلسل الأحداث.

وصفُ ممرات أرشيف الموتى كان معقداً بعض الشيء، لا أدري لمن أنسب تلك العلة فالكاتب والمترجم من طراز فريد للحقيقة.

هي القراءة الأولى لساراماغو ولن تكون الأخيرة، أوصي بهذه الرواية بشدة.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق