أميركا > مراجعات رواية أميركا > مراجعة حسين محسن

أميركا - ربيع جابر
أبلغوني عند توفره

أميركا

تأليف (تأليف) 4.3
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

هي أولى قراءاتي للكاتب الموهوب ربيع جابر، ولن تكون الأخيرة طبعًا.

في ظل سرد تاريخي ممتد بين العام 1913 والعام 1973، يعرض جابر في روايته هذه قصة "مرتا"، امرأة سورية تسافر إلى أميركا بحثًا عن زوجها الذي انقطعت أخباره طوال عامين. وفي عرضه لقصتها، يعرض كاتبنا لواقع مؤلم عايشه السواد الأعظم من المهاجرين السوريين آنها، ساردًا ما واجهه أولئك من وقائع هناك، وما اشتركوا فيه من معاناة في أزقة أميركا وشوارعها وما كابدوه من عناء السفر بين ولاياتها ومدنها.

وفي سياق استعراض لجملة أحداث واجهها العالم كله آنها (في تلك الحقبة الزمنية)، من الحرب العالمية الأولى وبعض تبعاتها السياسية، إلى تفشي الوباء القاتل المعروف بالإنفلونزا الإسبانية، إلى انتشار الأزمة الاقتصادية الدولية المعروفة بأزمة وول ستريت، واندلاع الحرب العالمية الثانية، وغيرها من الأحداث، نعايش بحميمية وقائع ومتغيرات حياة مرتا، ونرافقها في ذلك كله. فنحن هنا أمام بعدين: بعد استعراض وقائع التاريخ العالمية، وبعد معايشة تجربة إنسانية مثيرة ومؤلمة.

وتقييمًا، أجد أن المعرفة الدقيقة بكل تلك التفاصيل التاريخية لدى جابر هي سمة تميّزٍ تطرح على واقع الرواية العربية نفسها، فهو في سرده التاريخي السابق الكلام عنه يؤرخ لتفاصيل لا شك أن القارئ لم يسبق له معاينتها بمجملها، مقدمًا بين يدي كل ذلك بعض المصادر التوثيقية التي تجعل القارئ في حيرة أكانت القصة – بكل تفاصيلها تلك – من نسج خياله حقًا، أم أنها مقتبسة من قصة واقعية..

ولكن صاحبنا، مع سعة اطلاعه التاريخية تلك، قد غرق في دوامة السرد التاريخي التفصيلي مغيّبًا إلى حدٍ جانب التحليل لعناصر الرواية؛ فما قبل الجزء الرابع منها يندر أن تجد تحليلًا جديًا في تخوم النفس البشرية، بل تكاد لا تجده أبدًا؛ كما أن الرواية بمجملها تعرض لوقائع التاريخ ولكنها تخلو من تحليل علمي لذلك التاريخ. فجابر هنا روائي تاريخي بامتياز، إلا أنه محلل تاريخي بتواضع.

وبالخلاصة أخذت الكاتب ههنا جنبة التأريخ لوقائع لا بد لكل لبناني الاطلاع عليها وغيّبته عن بعد التحليل الحفري. إلا أن عملًا كهذا لا يمكن وصفه إلا بالتحفة الفنية المتكاملة، إذ ليس لي كقارئ أن أحاكم الكاتب بتطلعاتي الخاصّة، بل بما فرضه هو على نفسه وعمله، ولعله قد اختار لهذا العمل أن يكون ذا بعد تأريخي شبه بحت، وفي ذلك فهو قد وُفّق بشكل كبير وأظهر دقةً واطلاعًا واسعَين في هذا المجال فقدم عملًا احترافيًا كهذا.

أنصح شديدًا بقراءة هذا العمل.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق