الفرار من الموت هل يعني الحصول على حياة ؟

هذه الرواية تجيب بالنفي ، فقد يعيش المرء و يهنأ بحياته وهو بين براثن الموت وحينما يكاد ينجو منه للحياة التي أرادها يجد أن الموت خطف منه من لاتكون الحياةُ حياةً إلا به !

حقيقة لم يدركها "شفارتس" مبكرا حال هروبه من ألمانيا وتركه زوجته "هيلين" لخمس سنوات ، أدركها بعدما عاد والتقى بها ثم أصرت على الهرب معه ، هناك تكونت مشاعر جديدة ، رآها بعين أخرى حين واجها الخوف و الاعتقال والموت معا .

اسم الرواية "ليلة لشبونة" مما يوحي لمن لم يقرأها أن أحداث الرواية تدور في ليلة واحدة ، بينما في حقيقة الأمر زمن الأحداث أطول من ذلك ، سُميت كذلك لأن أحد الفارين من الحرب "شفارتس" ظل يروي قصة حياته فيها .

تدور أحداث هذه الرواية خلال الحرب العالمية الثانية ،"لشبونة" كانت محطة لكثير من الفارين من أهوال هذه الحرب ، محطة توقف بعضهم فيها للانتقال لعالم جديد و حياة أخرى ، و في هذه الرواية كان المقصد "أمريكا" .

بطل الرواية قامر بما لديه من مال بغية الحصول على المزيد منه ليستطيع شراء بطاقتي سفر له و لزوجته لكنه خسر ، و بالصدفة قابل "شفارتس" الذي عرض عليه بطاقتي سفر بشرط أن يقضي الليلة معه ليستمع له ، ليلة واحدة فقط مقابل حياة كاملة تتيحها تلك البطاقتان ، في تلك الليلة ظل "شفارتس" يروي قصة فراره و يسكب ما بذاكرته في ذاكرة الشخص الآخر .

ترى هل تصبح الذكريات ثقيلة بحيث ينوء صاحبها عن حملها وحده ؟ أم أنه يرغب في أن تعيش تلك الذكريات لفترة أطول فيشاركها غيره؟

هذا ما سألته لنفسي لما رأيته من تصرف "شفارتس" الذي بدا غريبا ، فقد ظل تلك الليلة ينتقل مع صاحبه من حانة لأخرى حتى يكمل سرد ذكرياته !

جاء الجواب في الصفحة 115 حيث يقول شفارتس: "إنني متأكد من أنني لن أستطيع سرد هذه الأحداث على حقيقتها بعد بضعة أسابيع لذلك طلبت منك أن تصغي لحكايتي هذه الليلة ، ستبقى كما هي في ذاكرتك من دون تزوير و بهذا تفقد خطورتها ، على هذه الذكرى أن تبقى في مكان ما ، عليها أن تبقى في داخل أحد على حقيقتها و لو لوقت قصير"

الرواية كانت شيقة في أجزاء و مملة في أجزاء أخرى ، لكنها بالمجمل رواية إنسانية بالدرجة الأولى ، رواية تجعلك تشعر بقيمة الحياة .