اللوح الأزرق > مراجعات رواية اللوح الأزرق > مراجعة A.Rahman

اللوح الأزرق - جيلبرت سينويه, آدم فتحي
أبلغوني عند توفره

اللوح الأزرق

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
1

تفقدت عام صدور الرواية ووجدته في التسعينيات، ومنحني هذا فكرة جزئية عن مشكلتها: مكتوبة في زمن استعادة سياسات الهوية، والصحوة، وصعود الاسلام السياسي، واليمين المتطرف في الغرب، وطالبان في الشرق، ... الخ. هكذا، فإن الكاتب لديه فكرة محددة قبل كتابة الرواية، أن يجد حقبة يستطيع فيها أن يجمع بين رجال الأديان الثلاثة ويزج بهم في مغامرة "ملطوشة"، ففكرة البحث عن "حجر الفلاسفة" أو الكأس المقدسة - وارتباطه بفرسان الهيكل - للأسف استكشفها امبرتو إكو قبله بعشر سنوات في رواية "بندول فوكو"، رغم أن إكو لن يجرؤ على الكتابة في الحقبة الأندلسية لأنها حقل ألغام لكثيرين، لماذا؟ كل كاتب يقرر أن يكتب "رواية عن الأندلس" يتذاكى ويفتكس ويقرر يعمل نحتاية "كل الأديان" وحسن ومرقص وكوهين - وللأسف، ليس ثمة من رواية "عن الأندلس" قرأتها لم تسقط في أفخاخ عدة، من السخافة، والحوارات المفتعلة السطحية، والشخصيات البلهاء، التي كلها، بشكل أو بآخر، إما token (شخصية منفردة تعبر عن طائفة/عرق/شعب/جماعة كاملة) يجعلها الكاتب "كليشيه"، أو trope (وهذا ينطبق على التنميط الجندري، مثلما يكون هنالك تصورا راسخا لدى الكتاب والكاتبات عن شخصيات النساء والرجال في حقبة ما من دين ما) إنني أجد في هذه الرواية نفس الآفات التي عكرت مزاجي في روايات سخيفة أخرى مثل ظلال شجرة الرمان، وليون الإفريقي، وثلاثية غرناطة.

شخصية الشيخ المسلم ابن سراج تعتبر فشلا دراميا ذريعا، وحتى في بناءه للستريوتايب الاسلامي، فقد بناه بأثر رجعي، فذاك تعليق للشيخ على دير للراهبات، بما معناه "مش خسارة كل النسوان دي ف الدير؟" كأنه تعليق مراهق متحرش في شوارع (****)، وليس شيخا مسلما حكيما ذي حسب ونسب عربي، ومن أين جاء الشيخ بهذه البجاحة – الذي وإن فرضنا وسامحنا الكاتب على محاولته بناء "ستريوتايب" عربي كي يقنع القارئ غير العربي أنه بيقرأ عن عربي ومش مضحوك عليه- فيا أخي، أنت تبني كليشيهك واعتباراتك المسبقة على صورة وحيدة للاسلام والعرب، تكونت في العهد الاستعماري في القرني التاسع عشر والعشرين، وتخيلات استشراقية عن الرجل العربي أو المسلم أو الشرقي، قد تكونت في أزمنة معاصرة، متأخرة بكثير جدا عن "عرب هذه الحقبة" عرب الأندلس أو أي عرب آخرين في القرن الخامس عشر الميلادي، عايز ستريوتايبات عربية، خذ عندك الحياء ، والتعفف عن الخوض في سيرة النساء، سواء نساءه أو نساء غيره، والنظر إليهن، ومخاطبتهن بشكل مباشر .

أما رد عزرا عليه – عزرا أو الراهب روفائيل، لا أذكر- فأسوأ وأسوا، وذاك يقول له "يعني عايز تقنعني أن حريكمك المسلمات حرات وراء النقاب؟" يا أخي أنت تكتب عن عرب وفق ما كونته أنت عن صورة العرب في التسعينيات. وتكتب على لسان شخصياتك ردود فعل لرجال غير مسلمين – غربيين- على "عيشة النساء العربيات في البلدان العربية" -برضو ردود فعل تسعيناتي جدا- وهي ردود أفعال تعتبر سخيفة، وغير مقنعة، اذا قيست على زمن الرواية.

يقول العربي لمانويلا "قومي" او انهضي معنا، أو لا أذكر ماذا، فترد عليه مانويلا "دع هذه اللهجة الآمرة لزوجاتك"، بينما كان الراهب روفائيل متخذ موقفا أسوأ من النساء ومن مانويلا شخصيا طوال الرواية، لدرجة الاحتقار وكدا، ولكنها تقع في حبه، رغم المعاملة الزبالة يعني. لا بأس، يمكن مانويلا مازوخية، وكذلك، فإن الكاتب بالطبع، وقد أتى براهب، فهو لا يريد أن يفوت على نفسه أي كليشيه دون استخدامه في الرواية، بعد حسن ومرقص وكوهين، خلي مرقص يدخل في تجربة، ويعيش التمزق الروحاني و"الآلام" المسيحية الحقة، وكذلك، لا تفوت فرصة لتجعل العربي المسلم الحلوف يغلص عليه، فذاك الشيخ السمين، الحلوف، اللي همه على كرشه أو الحريم، سوف يزعج كلا من مانويلا وروفائيل من حين لآخر، وكذلك سوف يعلق دوما على عزوبية روفائيل، ويقنعه أنه بيضيع شبابه، فبالطبع، إن كان لديك شيخا مسلما في الرواية، فإنه من الطبيعي والمتوقع أن يقوم هو بهذه التعليقات الكارنال (الجسدية)، فذاك كل ما يدور في دماغ المسلمين.

بالطبع، لا يكتمل الستريوتايب دون أن يكون للمسلم زوجتين، ولديه عبد، وذاك هرب غاضبا عليه، وحاول قتله أكثر من مرة، بالطبع، لأن الشيخ المسلم له شقيق مجرم.

للأسف، جيلبير سينويه طلع كذلك من نوعية هؤلاء الكتاب الرديئين، الذين لا يعرفون كيف يتصرفون بوجود امرأة في رواية، دون جعلها "اهتماما رومانتيكيا" ﻷحد الشخصيات، رغم أن ظهور مانويلا، والزج بها بين رجال الدين الثلاثة، لم يكن لسبب رومانتيكي، فهي "لم تخرج من ضلع أحدهم" ولكن الكاتب لم يقاوم أن يوفق بين راسين في الحلال، رغم أن أحد هذين الرأسين راهب يعني.

اللغز نفسه ديني، مكتوب بيد حبر يهودي يدعى ابن برول، مات في الهولوكوست – أعني محرقة محاكم التفتيش- واللغز في حله قائم على المعرفة المتعمقة بالنصوص المقدسة الثلاثة، هكذا فهي لعبة رجال دين بالكامل، والغرض النهائي، العثور على لوح يعلمهم أي الأديان الثلاثة هو الصحيح، وكذلك بوجود الرب من عدمه. هكذا فإن الرواية تدور في المستوى "الهرمينوطيقي" ، يبدو لي من قراءات الزملاء، أن الكاتب غرضه شريف، ومغزاه أن يبين لنا أنه التفاهم "ممكن" بين الأديان الثلاثة، لكنني لم أعرف لماذا جعل شخصياته من رجال الدين، ففي رأيي، التفاهم يحدث على المستوى الانساني، وأظنني ساجده في المستويات الدنيا، بين بسطاء الروح والمعيشة من الأديان الثلاثة، ربما، لو زج بهم جميعا معا، وكذلك، من المتوقع تماما في ظل هذه الظروف العصيبة أن يفقدوا ايمانهم، أو يمروا بأزمة ايمان، وجحود، وفقدان ثقة، ويأس من رحمة الرب، وهو الشي الذي لم يحدث مع أي من الرجال الثلاثة، وذاك بدا لي ثباتا "غير انسانيا"، هذا غير كونه غير مقنع من الناحية الدرامية.

إنما هذه "الدوشة" والصداع الإبيستمولوجي، من محاضرات متبادلة من "اقامة الحجة على الكفرة" أتعبتني. وأزعجتني، ولم ترحني، من الناحية الدرامية والمعرفية، فقد أحسست أنني بين ديوك ثلاثة متصارعة، ولا أعرف من أين حصل غيري من القراء على "سكينة" التفاهم بين الأديان الثلاثة، هذه الرواية ملخصها أنه ليس ثمة تفاهم حقا بين الأديان، بل أنه هنالك دين هو الكل ف الكل، وناسه مية مية، وأجدع ناس، هو الدين اليهودي الممثل في الحكيم المحترم عزرا، وثمة دين لسه شباب وادوله فرصته، ومعذب للغاية، بالذنب وبالرهبنة، دا دين الشاب الجدع روفائيل، وهنالك حاجة بتجعر على جنب، حاجة تخينة وشبه التيران، دي ادولها بقرتين وشوية برسيم وهتسكت.

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
1 تعليقات