فن الكلام وأصول الحوار الناجح > مراجعات كتاب فن الكلام وأصول الحوار الناجح > مراجعة أمل لذيذ

فن الكلام وأصول الحوار الناجح - إيهاب فكري
أبلغوني عند توفره

فن الكلام وأصول الحوار الناجح

تأليف (تأليف) 4.2
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

منذ بضعة أسابيع،كنت في حوار ساعية من وراءه لإيصال وجهة نظري لإمرأة لها خبرة طويلة وتكبرني بأعوام كثيرة،وبالطبع كعادتي ألزمت نفسي بمبدأ الإحترام وأيضا رافقني هدوئي المعتاد،فإذا بي منذ أول الحوار وأنا أشعر بنوع من التحير،فصرت لا أعرف إذا كان ما عندي من هدوء هو مؤجج لعصبية محاورتي أم أن طبيعتها هي هكذا،وإنتظرت كثيرا حتى تعطيني فرصة التحدث التي طلبتها لأبين رأيي،وظللت أتدرج في طرحي لرأيي وأنا أكلمها وأراقب تعابيرها التي إستغرقت أكثر من نصف ساعة لتهدأ ولتعرف الراحة،ومن ثم وبنبرة أقرب لنبرة الأم أخبرتني بإنها بطبيعتها عصبية وبأن نبرة صوتها مؤخرا صارت مرتفعة وهذا يرجع لضغوطات تمر بها وأيضا مرضها،فالحوار الذي تصورت بإنه سيستغرق ربع أو نصف ساعة تحول لفترة تهدئة إمتدت لساعة وفترة فضفضة هي بدورها أيضا إمتدت لساعة،أي أن الحوار الذي تخيلته قصيرا وعمليا تحول إلى حوار لساعتين،وإنتهى هذا الحوار بنقاط تفاهم ومودة تشبه المودة بين الأم وابنتها،وأنا أتأمل هذا الموقف لاحقا كنت أتساءل ماذا كان سيحدث لو كانت طبيعة كلامي إنفعالية أو كنت أحب أن آخذ حقي بأي أسلوب أو إنها إستمرت في عدم التمعن فيما تقوله كلماتنا؟.....

ظل الموقف أعلاه عالقا في ذهني و بت أفكر إذا كان بإمكاني أن أحله بطريقة ثانية أسرع أو أنجع أو إذا كان يفترض بي أن أغير الأسلوب الذي إتبعته،أردت فعلا أن أطور من نفسي وأن أحذر من جرح أي شخص وأيضا أن أتجنب جرح نفسي،فإذا بكتاب (فن الكلام وأصول الحوار الناجح) للدكتور إيهاب فكري،يناقش مواقف مثل الموقف الذي حدث لي ويعالجه بطرق عملية وسليمة،والكاتب بدأ كتابه بمثال واقعي بين أب وابنته حول رغبتها في شراء هاتف جوال ،فكان أسلوبها متطرفا في إعلان رغبتها في الحصول على الهاتف ،وحكاها والدها في الأسلوب ورفض طلبها،فلم يدر بينهما حوار بل إحتدام في سرد الآراء،فتذكرت الموقف الذي مررت به وحمدت ربي أننا توصلنا لحل قبل أن تصل الأمور إلى هذا الحد،فمن الجميل أن يسمع كل طرف وجهة نظر الآخر كاملة وأن يناقشه فيها أيضا ومن ثم تأتي الإتفاقيات المأمولة،فكان حواري معها ناضج خاصة في الساعة الثانية،وبعد هذا المثال من الكاتب نراه يخبرنا بالتأثيرات السلبية التي نتشأ عن سوء فهم الكلام وعن إلتباس العبارات والإندفاعية في عرض الرأي،وجاء بأمثلة من عالم الأطباء،فالطبيب الذي يغفل أن يطمئن مرضاه قد يدخلهم في براثن الوساوس ،والطبيب الذي يستخدم مصطلحات علمية لا يدركها الكثير من مرضاه قد يسبب لهم الحرج وبالتالي عدم الرغبة في الإستفسار منه،وهذه الأمور تؤدي إلى عدم فهم تشخيص الطبيب أو حتى عدم إكتمال التشخيص حينما لا يتمكن المريض من الرد على أسئلة الطبيب الغير مفهومة بالنسبة له،وأول خطوة ذكرها كاتبنا لإرساء حوار سليم هي الإستماع،فمن الضروري أن ينصت المرء لمن يحاوره وأن يصمت أثناء ذلك،ولتوضيح الموضوع أكثر فهناك "الصمت الإيجابي" وهو الذي يحلو فيه الإنصات وينساب فيه الإهتمام بما يقال،وهناك"الصمت السلبي" وهو ما يدور في كنفات التخوف والقلق من الطرف الآخر،وأرفق لنا الكاتب حكاية نجيب محفوظ مع سماعته،فنجيب محفوظ كان يترك سماعته التي لا يستغني عنها إذا أراد التملص من الإستماع إلى بعض الناس،وبعد ذلك تكلم كاتبنا عن حسن إختيار موضوع الحديث الذي سندخل فيه،فنختار موضوعا لدينا فكرة عنه وإنتهلنا منه سابقا،وضرب لنا مثال الفلسفة الوجودية،وأخبرنا الكاتب أيضا بإنه يعتمد على لفظة "في اليونان" أثناء تحاوره مع بعض الأشخاص مع أن ما يناقشه ليس له علاقة باليونان ،هو يقوم بذلك ليتأكد إن كانوا مهتمين بحديثه أم لا،فإن أوقفوه وسألوه عن سبب ذكره لليونان أكمل الحوار في الموضوع،وإن لمح منهم هزا للراس وعدم إهتمام غير الموضوع،وناقش كاتبنا أيضا موضوع"المقاطعة" فهناك حسب رأيه من يقاطعون الحديث لضجرهم منه،وهناك من يريدون أن يستلموا دفة الحديث بكلامهم عن تجاربهم هم ،وهناك من يقاطعون للإعتراض على ما يقال،وهناك من يقاطعون ليبرزوا روح النكتة لديهم وللتندر،ولحل هذه المعضلات قدم لنا الكاتب بعض المقترحات المتدرجة في نهجها،فحدثنا الكاتب عن الذكاء في طرح المواضيع وأيضا تغييرها إن تبين لنا بإن من نحدثهم هم في حالة سأم،وأرفق لنا مثال الشيخ الشعرواي الذي برع في تفسير الآيات القرآني جمعت طبقات مختلفة من الشعب حوله مع إختلاف تلك الطبقات معرفيا وثقافيا ومهنيا،وأخبرنا كاتبنا أيضا بإن هناك من يقاطعون كلامنا ليؤكدوا لنا بإنهم في حالة إتفاق معنا،فيخبرنا كاتبنا كيف نستميلهم للإنصات لنا ولتتبع الحوار معنا،ومن ثم فسر لنا الكاتب الفرق بين النقاش والجدال،فالنقاش يهدف للوصول إلى فائدة، أما الجدال فهو علو الصوت الكلام بغرض الكلام ،ومن ثم عرج كاتبنا على أصول المقابلة وايضا ضرورة عدم رفع الصوت أثناء الحديث،وتجنب التجريح الشخصي ،وبعد ذلك كلمنا عن ما سماها ب"دائرة العشم" ،وهي الدائرة التي تشمل المقربين منا ومن نتصور بأنهم لن ينسحبوا من حياتنا وبإننا لن ننسحب من حياتهم،وبعض الأهل وأيضا بعض الأصدقاء يتوقعون بما إنهم في هذه الدائرة فإبمكانهم إتباع أسلوب الحوار الذي يرغبونه و ينتقون وسائل النداء التي تروق لهم،فلا يتبادر لذهنهم بإنهم سيتسببون في أذية أحبتهم،هم يرون بإن أقوالهم وعباراتهم عادية ومبرر لها بحجة القرب،وكاتبنا هو ضد هذا التوجه في التعامل ويحذر منه لإن الكلمات تؤثر وطريقة تناول المواضيع هي دائمة مهمة و تشكل ردات الفعل ....

بكتاب (فن الكلام وأصول الحوار الناجح) للدكتور إيهاب فكري،يخبرنا ما يدور في نفوسنا عندما تقال الكلمات وعندما نستمع لها.

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق