لصوص الله > مراجعات كتاب لصوص الله > مراجعة أمل لذيذ

لصوص الله - عبد الرزاق الجبران
أبلغوني عند توفره

لصوص الله

تأليف (تأليف) 4.3
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

كتاب (لصوص الله –إنقاذ اليوتوبيا الإسلامية) للكاتب عبدالرزاق الجبران،يحمل بين طياته تسونامي فكري حول النظرة للدين و لرجال الدين،فكتسونامي الأفكار متدافعة بقوة وبجرأة عارمة وهي أيضا تقلب المناظير وكذلك الزوايا التي ينظر منها وإليها للتوجهات الدينية وتحديدا في المجال السياسي و المجال القومي والمجال الوطني،وهي تحتوي على عملية هدم لترسبات ماضية ومحاولة لبناء رؤى فكرية جديدة و منفتحة،وبعض هذه الزوايا هي حادة في رؤيتها لبعض الممارسات والرؤى التي تخالف الدين من قبل رجال الدين وخاصة من المسلمين ،فالكتاب معني بالإسلام السياسي في قالبه الكلي،والكاتب في زوايا منفرجة من الكتاب أبعد الأديان عن تلك المفاهيم التي وجدها خاطئة ،و التي رأى بإن العقل لا يقبلها ،و الفطرة لا ترتضيها و القلب لا يقنع بها،وهناك زوايا قائمة فيها إعتدال من الكاتب وهو ينقل الرأي والرأي المضاد له من الحوادث التاريخية المختلف عليها في التاريخ الإسلامي وخاصة السياسي،الزوايا الحادة قد تزعج بعض القراء و الجماهير لإمتناعها عن التلطيف في الكلام المطروح ولكنها تشمل أسئلة تستدعي التأمل و النقاش،أما بخصوص الزوايا المنفرجة فهي التي غالبا ما ستكون المفضلة للقراء،والزوايا القائمة هي الأكثر قابلية في جذب القراء إلى إعادة قراءة التاريخ بأعين فكرية حديثة الولادة،فكأن الكاتب يتحدانا لنقرأ ما حفظته عقولنا و ما أملته علينا الكتب المتداولة بين أيدينا ولكن بحس جديد،بحس من يقرأ للمرة الأولى و من يحاول أن يكتشف ويتأمل ويحكم عقله وأيضا قلبه ...

وللقلب حيز كبير في الكتاب وربما كان الكاتب يرمز للعقل بالقلب أو إنه جمعهما بطريقة ما،فأطلق مصطلح"ديانة القلب" وهي الديانة التي روج لها في أسطره و في أفكاره،فهو يدعو للتسامح الديني ومعاودة قراءة الأحاديث النبوية و التأكد من صحة بعضها،فالإسلام بمدلولاته و مبادئه الجميلة ليس بشيوخ الدين و رجال الحكم ،فالدين فيه سمو ونقاء و بعض من يدعون تمثيله في الواقع هم يسيرون عكس ذلك،فحسب ما توصل إليه إن هذه الفئة من الشيوخ و السلاطين تتعاون مع بعضها لإسباغ النصوص الدينية بما يطيب لها ولتحقق أغراضها الدنيوية،فتكون النتيجة فتاوى مجحفة للغاية و أيضا مستبدة ،ومنها الفتاوى التي تسوغ القتل وهي التي نشرت بإن الإسلام يدعو إلى الدوية وبإنه يتم إعتناقه عنوة،ومنها الفتاوى التي تتعلق بالزواج وأنواعه التي تعددت في وقتنا الحالي تحت مسميات متصلة بالدين وفتاوى سابقة حول الإماء والجواري،وهو يخوض في غمار عدد من هذه الفتاوى والأقوال و الآراء نجده يتمنى على الجماهير أن تمرر هذه الفتاوى على قلوبها،هو يطلب من الناس أن يسألوا قلوبهم عن مدى إقتناعهم بتلك المقولات،وهو شرع أيضا فيما يبدو وكأنه فصل الأسماء عن الأتباع ،فتكلم عن فكرة بإن المذاهب المرتبطة بأسماء فكرية ودينية معروفة كالإمام علي-كرم الله وجهه- و الإمام أبي حنيفة النعمان-رحمه الله- قد تحورت مع الوقت لدرجة إنها صارت تناقض آراء الأسماء المقترنة بها ،فالتلاميذ هم من شكلوا الأتباع فتغيرت الأوضاع ،فتصاعدت الإختلافات بين الأمة وإنعدمت أقنية الحوار مع تتابع الزمن،والكاتب يوجه أنظارنا أيضا لمفهوم "الكفر" وهو فرغ هذه الكلمة من التهم الموجهة إليها عادة،هو إبتغى تحريرها و منحها فرصة للعودة إلى أصلها،وبنبض مفكر حينا و بنبض ساخر حينا آخر فك الأغلال عن حروف الكلمة ،فإستفسر عن سبب وضع عدد من الجماعات الملتزمة دينيا لصورة جيفارا مع إنه لم يعرف عنه التدين، فهل من ينادي بعرف الظلم ليس بكافر؟ هل هناك كفر محمود و كفر مذموم؟ وهل الدين عبارة عن مجرد ركعات وسجدات بغض النظر عن حسن الخلق؟لماذا كان كتاب التاريخ يتباهون بعدد القتلى في الحروب؟ وهل يشرع للحاكم ما يحرم على غيره؟وهل من يتعامل بإنسانية ويحب الخير للناس كافر ؟وهل الأحكام وقتية تتغير حسب شهوات السلاطين؟وهل يشابه بعض رجال الدين بعض الخارجين عن الأعراف؟وهل يحدث أن يكون بعض من خروجا عن العرف أفضل من بعض رجال الدين؟وهل تصح المقارنات التي قام بها الكاتب؟!

كاتبنا رأى بإن الإسلام دخل إلى عدد من قلوب ممن لم يولدوا مسلمين على يد المتصوفة و الإسماعيلية والمعتزلة أي الأقليات المذهبية،ويعزو ذلك لتجرد العديد ممن ينتمون لتلك المذاهب الدينية من التقليدية في نظرتهم للدين و لإنسانيتهم في التعامل،فالقتل والسبي لم يكونا المرشدين لبوابة دخول الإسلام حسب رأيه،وهو بين الحين والخر يأتي بعبارات للرومي ليؤكد ذلك ،و أورد مقولات لنتيشه وغيره من الكتاب و رجال الفكر حول الفصل بين ما يدور كهنوتيا و ما يدور في قلوب العامة ،ليخبرنا عن "المعبد" كرمز إتخذه للأديان وهو يتحدث عنها ،و عبر عن رغبته في أن تفهم الديانات على حقيقتها بما فيها من إيمان تقي حقيقي و سلام فعلي بعيدا عن الصراعات السياسية و التناحرات الخلافية، وراق له وصف "لصوص الله" لمن سخروا قواهم لترسيخ تلك الصراعات و التناحرات،إنهم في "جمهورية النبي" يغدرون بالشعوب ،و يخونون أنفسهم ،و يخطئون في حق الأديان وهم يتشدقون بحبهم لها،ويسترسلون في الإستمتاع بما تسول لهم أنفسهم أخذه متذرعين بحجج نسبوها كذبا لأديانهم ،وهو يتهكم من أفعالهم وأقوالهم ...

وفي رأيي الشخصي فإن الكتاب مميز في موضوعه و في معالجته للموضوع،وأعتقد بأن من الأفضل قراءة الكتاب على مهل وعد التسرع في إختطاف ما قد يقصده الكاتب ، فمن الجميل أن يتم إعطاء كل عبارة في الكتاب حقها في التمعن فيها ومحاولة إستدراك ما تحويه،فالعجلة في القراءة أو إقتطاع كلمة من كلمات الكتاب من سياقها قد تصيب القارئ بالحيرة أو قد تجعله يفهم ما هو أمامه بطريقة تعاكس عقارب ما هو مكتوب،وربما يشعر بعض القراء بأن الكاتب مال كل الميل ضد عدد كبير من رجال الدين ولكني أتصور بإنه كان يسعى لوضع المجهر على مواقف فارقة تاريخيا وسياسيا ممتدة الأثر إلى الآن،هو حبذ هذه الطريقة ليفجر أفكاره وقناعاته ...

كتاب (لصوص الله –إنقاذ اليوتوبيا الإسلامية) للكاتب عبدالرزاق الجبران،نرى فيه مدينة تدعي بإنها كاملة مع إنها مدركة بإنها ما زالت تبحث عن هويتها الحقيقية التي أضاعتها !

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق