ترانيم في ظل تمارا > مراجعات كتاب ترانيم في ظل تمارا > مراجعة أمل لذيذ

ترانيم في ظل تمارا - محمد عفيفي
أبلغوني عند توفره

ترانيم في ظل تمارا

تأليف (تأليف) 4.1
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

هنالك عادة لدى بعض العشاق في كتابة أحرف أسمائهم الأولى على جذوع الشجر،وكأن حفرها على تلك الأشجار سيخلد ذكرى هوى سكنهم،وهم أيضا كثيرا ما يرسمون صورة قلب وهم يعبرون عن مكنونات قلبهم،وقد يقطفون أزهارا ويتبادلونها ويظل شذاها عالقا في مخليتهم،وتبدو الصورة حتى الآن وكأنها بقايا خطرات صبا إنطوى،ولكن هل تحفظ حنايا الأشجار وضلوعها عهود أفئدة هامت ببعضها ؟وهل تتقلب الأوراق وتتساقط لتذكر بفترات الفراق وما مضى من زمن؟وهل تتورد الأزهار بخجل وهي تتأمل رحلتها مع المتحابين؟وهل تسعد الآرض بعودة من إلتقوا في ساحتها أو هي تموج بفرح أكبر بقدوم رحال عشق جدد؟هل مشاعر المتيمين تؤجج حس الطبيعة؟!

كتاب (ترانيم في ظل تمارا) للكاتب محمد عفيفي،هو عبارة عن سيرة ذاتية لزوج ما يلعب فيها هو و زوجته الأدوار الرئيسة بالإضافة إلى أشجارهما،فتمارا المشار إليها في العنوان هي شجرة في حديقة الزوجين،هذه الشجرة كانت مورقة وإستظلت بها أرواح الزوجين المتحابين،شجرة سمعت يوميات قلبين عاشقين على مدار سنين طوال،شجرة لم تمل من الإنصات إليهما ،هي أحبت طفولة الزوجة بالرغم من قدمها في العمر ،وإستمتعت بهدوء وحكمة الزوج،هي كانت تحس بأن ما يقولانه هو (ترانيم)،فأقوالهما فيها طهارة ونقاء إرتباطهما و بهاء محبة ومودة لا يمكن إغفالهما،فتمارا تطربها أحاديثهما حتى المتكررة منها،هي مغروسة في علاقتهما ببعضهما كإنغراس حبهما،تمارا بالفعل أحبت الزوج و(أمينة)،وهي بدورها كانت المفضلة بالنسبة لهما على سائر ما في حديقتهما من كائنات،تمارا غلبت الياسمين والعصافير و القطط بإستحواذها على إهتمام الزوجين،حصل أن مازحت أمينة زوجها بخصوص حواراته مع الأشجار وخاصة تمارا ولكنه إستمر في ذلك،وزوجها في الواقع لم يكتفي بالحوار فهو يصف النباتات والحيوانات وكأن علاقة صداقة أو قرابة تجمعه بها،هو يعرف ألوانها وأنواعها وتصنيفاتنها وإحتياجتها وأيضا يستشعر ما تريد أن تقوله له،فسمى ما في حديقته ودلل كل ما فيها،وأمينة كانت تعيش فترة حداد لرحيل إبنها إبراهيم ،وكانت تحس بالحنين لإغتراب ولدها حمادة،هي كانت تكتب في قلبها رسائل دعوات للإبن الراحل عنها لدنيا الحق،وكانت تحاول ان يسعفها قلمها لتراسل الإبن المغترب في أمريكا،هي كانت أم أتعبها ألم الفقد ،فكان زوجها هو أنيسها والحديقة كانت منفذ الأمل لعينيها ومهجتها،وبالرغم من ألمها فإن أمينة كانت تنشر طيبتها وتعاطفها أينما حط فؤادها،وزوجها كان صاحب طبيعة ساخرة فكان يضحك لسماعه تعليقات أمينة وتنهداتها من قراءة رسائل إبنها و يدلي بملاحظات لغوية طريفة حول الرسائل،هو كان يسعى لتغيير مزاج أمينة ولإسعادها،هو قام بذلك ذلك ولكن إستمرت أمينة في النظر إلى صور إبراهيم و الدعاء له وهي كانت تختلس تلك اللحظات،وننصدم حينما قال لنا الزوج بأنه كره أمينة لنعرف بأنه تصريح بالحب ،فالكلام المبطن بين حروفه يدل على أن أمينة لا زالت بالنسبة له حبه الحقيقي والتي تحول أوقاته إلى أوقات شابة،فإستفزاز براءة أمينة ترفع من منسوب ولعه بها!

مما أعجبني في الكتاب تمازج ما دار في الحديقة للنباتات والحيوانات مع ما كان يدور بين الزوجين بشكل خاص وبالحياة بشكل عام،فهناك مواعيد مع الولادة والموت،وموجات مواصلة الحياة والمرض،وتحركات الإلتقاء والغياب،وكأن الطبيعة وما فيها من تغيرات وتجددات ترمز إلى العلاقات الإنسانية ،هنالك دوران دائم من نقطة البداية لنقط النهاية ،لتسمى النهاية بداية رحلة أخرى،وهكذا يستمر الدوران،وشعرت بأن الكاتب وقد كانت هذه سطوره الأخيرة قبل رحيله أراد أن يبين بأن الحياة ينبغي أن تعاش حتى مع ما بها من مصاعب،ومن الجوانب الحزينة و لعلها الجميلة أيضا بأن الزوج وزوجته لم يكونا يشاركان البشر مصابهما بل توجها للأراضي الخضراء وكائناتها،فربما لم يريدا أن يزيدا هموم الآخرين و لا أن يثقلا على أحد ،هما إكتفيا بذكرياتهما و ببعضهما وبحديقتهما،وفي كل فصل من الفصول سنجد بضع كلمات تفشي نبض محتويات فصلها دون أن تسرب الكثير،وكذلك هناك رسومات ترحب بمعاني بوح الزوج و تسرد معه قصته مع زوجته وحديقته!

كتاب (ترانيم في ظل تمارا) للكاتب محمد عفيفي،فيه إستظلال رحلة حب بوفاء لم يتمكن منه الشجن!

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
1 تعليقات