سماء بلا قضبان > مراجعات رواية سماء بلا قضبان > مراجعة سماح ضيف الله المزين

سماء بلا قضبان - سامية أحمد
تحميل الكتاب

سماء بلا قضبان

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
2

سماء بلا قضبان

على الدوام، كان هناك رأسان لأي مظهر من مظاهر الحياة، إلا أنه حين يتوقف أيٌّ منا في نقطة المنتصف تماماً أو يحيا في أحد القطبين، فإنه لا يتأثر أو يشعر بالشر والبؤس المتجسد قصداً في أحد القطبين، ولا بالهناءة والخير في القطب الآخر، إن من يتأثر فعلاً هم هؤلاء - فقط – الذين يقتربون من المركز أو من الأقطاب، الذين يعيشون على الخطوط الموصلة بينهما، وعلى الطرق المؤدية من المركز لإحدى الهاويتين شقاءً، أو فضاءً!

ربما كان اسم هذه الرواية لا يمنحك فضاءً تختار فيه الوصف الذي يناسب ذوقك في تليل الأشياء، لتتساءل مثلاً: منذ متى كان لأي سماء قضبان! ولا يمنحك - حتى – الفسحة للتفكير بغير الحصار، السجن، الحبس، والحلم بالحرية، إلى جانب كل ما تنضح به كل تلك الأوعية من معانٍ قذرة، وما تحمله جيوبها من فجوات تزيد التناقض حدةً، يجرك أحد قطبيها إلى هاوية الشقاء، بينما يحلق بك الآخر في فضاء العافية.

أرى أن الحياة في كواكب تلك الرواية تمثل التطور الطبيعي للحياة الغريبة التي نمر بها ونحياها. وعلى الرغم من أنها لم تكن من الروايات المحبب إليَّ قراءتها، حتى وإن شدني اسمها الذي لا يوحي أبداً بأنها قد تكون صورة من أحد معامل الخيال العلمي. الكثير يمكن أن يقال عنها إلا أنني أذكر أنني خلال قراءتها كنت بين وقت وآخر أعود إلى البداية لأتأكد من زمنها عبر التاريخ الذي ذكرته الكاتبة في المقدمة، فكم تشبه تلك الأحداث أحداثنا، زمننا، ما يدور بيننا.

ولا يمكن أن أنتهي مثلاً من كتابة شيء عنها دون أن أقول (لقد جعلتني هذه الرواية أشعر بالخوف مجدداً) حين أتصوّر المخالب التي ينشبها من تشرّب بالشر دوماً في جسد من لم تلوثه الأحداث البغيضة، ولم تمسسه الحياة بأي مرض نفسيٍّ بعد، فتحولهُ (أيادي الشرّ) دون علمه إلى كائن حقير، لا يقدر إلا على الكره، مع أن الحب يختبئ بداخله بينما يكابر ويكابد حتى يخفيه.

لعل أكثر الأوقات العصيبة سوءاً هو ذلك الوقت الذي يصل الحال فيه لدى كائن ما إلى أن يفكر في أن الموت هو السبيل الوحيد للحرية، هو السبيل الوحيد للخروج من مستنقع العبودية وفلك الاستضعاف، في تلك الرواية (سماء بلا قضبان) وجع لا يعد ولا يوصف اختصرته القاصة في قصة حبيبين تتكرر آلاف المرات يومياً في عالمنا البشري البعيد كل البعد عن إنسانيته، والتوصيف الأمثل لمثل تلك الحالات غائب في الأرض ذات اللغة الواضحة لدينا، فكيف إذا ارتفعنا، إذا وصلنا إلى بيئة التقنيات التي تصفها الكاتبة في القصة.

مررتُ بجملة تشبه اعتراضاً يطلقه الكثيرون – وأنا منهم - على سبيل التذمر والشكوى من الواقع الذي لا يناسبهم، توقفت عندها وفكرت: فيما لو مُنحنا نحن المتذمرين بيئة كما نريد تماماً.. كيف سنتصرف؟ ماذا سنجني أكثر من الذي نجنيه الآن، هل تكمن المشكلة الحقيقية فيما حولنا أم فينا شخصياً، ولماذا نردد بين وقت وآخر: "لو أنني كنت في زمن آخر، مكان آخر.. لربما كان أفضل!"

اللمسة الإيمانية، والتناص القرآني والديني بشكل عام، واقتباس المقولات الإسلامية بالذات، جعلتني أشعر بالروح الإسلامية للكاتبة، فجليُّ جداً انتماؤها للعقيدة الإسلامية وتأثرها بها، فحينما تحدثت عن الإيمان الذي يدفع بأفراد إحدى القبائل المستضعفة للتضحية بأنفسهم وعدم الاستسلام لليأس، والمقاومة حتى آخر الأنفاس، وحتى وحدة المصير وتبني القضية، كل ذلك هو من أخلاق المسلمين وبدا جلياً في روايتها أنها قرأت تاريخ الاضطهاد جيداً فأبت إلا أن ترسل تلك الرسائل بهذا الشكل المقبول جداً.

حتى تلك اللحظة التي أكتب فيها انطباعي عن الرواية لست أعرف الكاتبة ولا أعلم ما هي جنسيتها، ولا انتماؤها لكنني أتوقع أنني سأقرأ عن هذه الكاتبة الكثير فيما بعد لأتأكد إن كان ما وصلني عنها صحيح أم أخطأني الحدس فيها!

لقد أعطيت فكرة الرواية وقصتها ورسالتها تقييماً كاملاً لا مجال للتنازع فيه إلا أنني حزنت لأن كاتبة واعية كتلك – وكما بدا جلياً لي كقارئة – تكتب بلا ضبط نحوي أو إملائي ولغوي وصرفي حتى في بعض الأحيان، فالرواية مكتظة بالأخطاء الإملائية والنحوية، لكن السرد وترابط الفكرة كان جيداً إلى حد كبير إلا أنني لاحظت أن الكاتبة فقدت سيطرتها على ربط الأفكار بقوة في الجزء الثاني من الرواية بعد أن هبط الفضائيون إلى كوكب الأرض والتقوا بأمثالهم من الأرضيين، شعرت أن الفكرة تشتت وبدأت الكاتبة تحاول رأب الصدوع التي حدثت في جسم حكايتها، وقد أحزنني الانكسار الواضح من العمق والرمز البسيط الجميل في البداية إلى المباشرة والسطحية في النهاية، والانكسار من الترابط الشديد إلى التفكك والضياع الواضح قسم الرواية إلى قسمين أحدهما متفوق والآخر عادي.

كان واضحاً جداً أن الكاتبة تحاول أن توصل فكرة معينة بدت برمزية خفيفة جميلة في بداية السرد وأصبحت مباشرة ككتاب علمي في النهاية إلا أن الفكرة ظلت جميلة والأسلوب جيد لكن الحبكة تحتاج لشد بعض روابطها لتبدو أكثر جذباً وتشويقاً لأنني فعلا فقدت شهية الإكمال بعد الاشتباك الأخير، ونزول الشعب المستضعف إلى الأرض.

Facebook Twitter Link .
3 يوافقون
6 تعليقات