سر المعبد الجزء الأول : أسراب الجراد - الأسرار الخفية لجماعة الإخوان > مراجعات كتاب سر المعبد الجزء الأول : أسراب الجراد - الأسرار الخفية لجماعة الإخوان > مراجعة Marwa Fuda

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

بدأت قراءة هذا الكتاب في يناير من عام 2013 .. لم يمر وقت طويل حتى إجتزت ما يقارب ثلاثة أرباع صفحات الكتاب .. ثم توقفت بعدها لسبب أو لأخر .. وعندما طالعت قائمة قراءاتي مؤخراً تذكرت أنني لم أنهه! .. فأتممت قرائته خلال شهرنا هذا .. ديسمبر 2013 .. أي بعد مرور ما يقارب عام كامل ! .. عام تغير فيه الكثير .. فلم يعد للإخوان معبد بعد أن تهدم معبدهم فوق رؤوسهم ..

أذكر الآن لماذا لم أواصل قراءة هذا الكتاب الشيق .. ربما لأنه في حينها قد إتضح لأعيننا من حقائق تخص هذه الجماعة التي إرتقت عرش مصر فوق أكتافنا ودمائنا ما يكفينا عن نبش أسرار تطويها الكتب .. فما لمسته أيدينا خلال عام أسود من حكم الإخوان كان أعظم من أي شئ قد يُكتب وقد يُقرأ !

وبعد أن هدأت عواصف 2013 .. آثرت أن أتابع ما كنت قد توقفت عنده .. لأقرأه بعيون جديدة .. بعد أن سقطت ورقة التوت عنهم .. فأصبح معظم ما كنت أقابله بتشكك مما كتبه السيد ثروت الخرباوي أكثر منطقية وإقناعاً لدي .. وكأن الايام قد أثبتت صدق حديثه ونبؤاته التي طرحها في كتابه.

سبب أخر جعلني أتردد في تصديق بعض ما كتبه السيد ثروت عند قرائتي الأولى للكتاب ، وهو سبب نفسي أصبح يلازم أغلبنا بعد عواصف ثورة يناير التي لم تبق ولم تذر يقيناً واحداً في النفوس ، فأصبحت "النية الحسنة" و "التصديق المطلق" كأحدى حفريات عصر بائد ، فلا ثقة في أشياء او أشخاص بعد أن كشف الدهر لنا بشاعة نفوس الكثيرين وما تطويه صدورهم من نفاق بيّن ! .. وقد عبر ثروت الخرباوي عن هذا بوضوح في الفقرة الختامية لكتابه إذ قال موجهاً حديثه لشخص يدعى أشرف: "عالمكم هذا غريب يا اخ أشرف ، عالم التنظيمات السرية ، معظم الأمور الظاهرة فيه غير حقيقية، وقد يكون خلافك أنت الاخر مع الإخوان مختلقاً ، وقد تكون بعض الإنشقاقات عليكم وهمية" !! .. لمستني هذه العبارة لأنها عبرت بالضبط عما يعتمل في نفسي تجاه كل من على الساحة السياسية الآن وعن كل ما يقال ويرد على لسان من في الجماعة أو كان فيها! والله وحده أعلم بالصادق والكاذب وهو المطلع على نفوس العباد. إلا أنني لن أخفي أنني أصبحت الان أقرب إلي تصديق معظم ما ورد في الكتاب إذ أنه صار مؤيداً بشواهد من الواقع عشناها ولمسناها من خلال تجربة حكم الأخوان للبلاد ، وعلى كل حال فإن معظم شخوص الأحداث أحياء يرزقون ، ذكر الكاتب اسمائهم الصريحة لا اسماء مستعارة او كنايات فإذا كان لديهم ما يكذبوا به الرجل فلينطقوا وليردوا عن أنفسهم تلك الإتهامات الرهيبة.

قد يرى البعض أن الاتهامات الرهيبة هي ما تحدث به الكاتب عن الصلة بالماسونية، والعلاقات الخفية مع الامريكان ، و خطة التمكين التي طالت أذرعها كل مؤسسات الدولة بما فيها الجيش والقضاء ، وما نبت عن الجماعة من جماعات تكفيرية إجتهد قادة الجماعة في نفي صلتها بالجسد الأم للجماعة إلا أن حقائق التاريخ أثبتت غير ذلك، وغيرها، ولكنني أرى أن الاكثر بشاعة والأحق وصفاً بالإتهامات الرهيبة التي أعنيها هي الكذب والتلفيق والقدرة على خلق مبررات تبيح ما حرم الله ، التلون في براعة ، والنفاق للسلطة للوصول لأهداف سرية أو معلنة ، والتضحية بأي بعيد أو قريب قد يعوق حلم التمكن والتمكين! بل وإعتبار أن أي مخالف في الرأي هو خارج عن جماعة المسلمين! هكذا وبكل بساطة مجموعة من البشر يظنون أنفسهم مالكين لمفاتح خزائن رحمة ربي فيدخلون فيها من يشاؤن ويطردون منها من يشاؤن كأنهم سدنة للدين يقررون من يصح إسلامة ومن يخرج عن ملة الإسلام ، فقط حسب اهوائهم وحسب ما يتطلبه منهجهم الأمثل "الغاية تبرر الوسيلة" و "لا حرام مع ضرورة" !!

ربما يعتبر البعض أن الجرائم التي عرضها الخرباوي في كتابه هي أكثر إدهاشاً من كل هذا الذي سردته وأنني غارقة في المثالية التي تجعلني لا أرى إلا العيوب المعنوية فحسب ، فلهؤلاء أقول إنها ليست مثالية ولكن الكذب أصل كل الشرور فمن يكذب يرتكب كل بشع من الجرائم بعد ذلك ، وفي نظري إن عيب الإخوان الأساسي هو في منهجهم الضال المضلل وأن هذا المنهج المغلوط هو الذي يعطي لمن يؤمن به مبررا لأية موبقات علمنا عنها أم لم نعلم حتى الآن !

أكثر ما أعجبني في الكتاب هو المحاورات الفكرية التي دارت بين السيد الخرباوي وأستاذه السيد أحمد أبو غالي ، علاقة رائعة تجمع بينهما تصل بين الانسان وماضيه المتمثل في معلم المدرسة وقت ان كان هناك من يُعلم ، هذه اليد التي تمتد لك وقت أن يسود الظلام فتأخذ بك هوناً هوناً إلي بر الأمان ؛ بر الحقيقة !

لقد أحببت شخصية العم أبو غالي ، أحببت حنوه وصبره ويقظته وعلمه الغزير وتواضعه الذي يليق بما حصل من علم حق ، وأحببت الطريقة التي عبر بها الخرباوي عن طبيعة العلاقة بينه وبين أستاذه وطريقة سرده الممتعة للمحاورات التي دارت بينهما لدرجة أشعرتني وكأنني جالسة بينهما أسمع وأرى وأستدفئ بنور العلم وبلاغة الحديث.

يقول ثروت الخرباوي في صفحة 313 من كتابه عندما سأله أحد الاصدقاء عن يقينه الشخصي فيما يتعلق بالجماعة فرد قائلاً: "سأكتبه ذات يوم ولكنني سأقول للناس لا تأخذوا به جملة واحدة ولا ترفضوه جملة واحدة ولكن فكروا فيه أولاً، وبعد أن تفكروا وتبحثوا وتقلبوا الأمر على كل الوجوه اقبلوا أو ارفضوا ، فحين يخرج الكتاب من المطبعة سيكون ملكاً للقارئ لا للكاتب، واعلموا أن ما كتبته هو نتاج رحلتي أنا وفكرتي أنا وعقلي أنا، وكل هذه الأشياء نسبية ، يرد عليها الخطأ والنسيان وحظ النفس وفساد الإستنباط ، وسأدعو الله أن يغفر لي ما وقعت فيه من خطأ. " .. هكذا رد الخرباوي عن نفسه رداً مسبقاً لاية إتهامات وتجاوزات قد تحيق به إثر نشر كتابه – وهو ما حدث بالفعل - فهذه رؤيته ونتاج تجربته يقدمها لك فلتقرأها بعين الحياد ولك أن تقبلها ولك ان ترفضها مادام رفضك او قبولك قائم على التحقيق العقلي لا على هوى النفس.

بقي ان أقول أخيراً أن لغة الكاتب رائعة .. سرد هو غاية في الجمال والرشاقة .. حتى وإن لم تكن أحد محبي ومدمني القراءة .. يحثك أسلوب ثروت الخرباوي أن تنهي هذا الكتاب غير شاعر بأي ملل أو إطالة .. سرد شيق قد ينبئ بروائي قادم لا مؤرخ للجماعات الاسلامية عموماً وجماعة الاخوان خصوصا فحسب ! .. كتاب إستمتعت كثيراً بقرائته وأتمنى أن يصدر الكاتب قريباً كتاباً مكملاً لهذا البحث الشيق خاصة أن الزمن الذي كُتب فيه هذا الكتاب قد إختلف كلياً عن وقتنا الحاضر وإن لم يمر الكثير من الوقت ، تغيرت أشياء وتبدلت ورغم تهدم المعبد ربما لازالت هناك أسرار لم تُكتشف بعد!!

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق