الرسم بالكلمات > مراجعات كتاب الرسم بالكلمات > مراجعة أمل لذيذ

الرسم بالكلمات - نزار قباني
أبلغوني عند توفره

الرسم بالكلمات

تأليف (تأليف) 4.1
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

في ديوان (الرسم بالكلمات) للشاعر نزار قباني،نجد عاشقا جمع لوحاته الشعرية المتناثرة في لوحة كولاج واحدة،كل لوحة تفضح ملمحا من ملامح هوى تعلقه بمحبوبته، و تصف لنا أشكال غرام هز قلبه المغرم فسلمها للورق،و منها ما رسمت بألوان زيتية صورت دفء أحساسه تجاهها، ومنها ما لونت برماد أقلام الرصاص لتحاكي ما فعل به فراقها، و منها ما جسدت بالشمع خيالات مواعيده معها و كأن الدقائق إمتنعت عن الحركة،و منها ما إنغمست بألوان خشبية فيها صبا ضحكات حبيبته،و منها ما تقترب من تصوير زاوية من زوايا فؤاد معشوقته و لكنها لا تصل إلى التصوير الكامل،ففؤادها متسع في باحاته ،و هناك لوحات منها ما إكتنف قصاصات من هذرات و عبرات نبضه لمحبوبته و قد ألصقها بخجل ذائب ،و لوحات منها ما إقتطعها من مساحات قبس من شرايين إلتحامه بنورها ....

هو عاشق يتفاخر بما صالت به كلماته حول حبه ،فيقول :

"تباركي بحروفي ..كل فاصلة

كتبتها عنك يوماً ..أصبحت أدبا..

كتبت بالضوء عن عينيك .هل أحد

سواي بالضوء عن عينيك قد كتبا؟"

فهو من عرف العالم بجمالها و عنفوانها،

و تغنى بذكرها و أوصافها،

و أخذ يدندن لها مقاطع بصوته عن حزنه ،قائلا :

"إني كمصباح الطريق ..صديقي

أبكي ..ولا أحد يرى دمعاتي.."،

و عدد لها الوسائل الكثيرة التي لجأ لها

ليعلن حداد أحاسيسه و ليدفن بها أساريره،

فحارب..

و قاتل ..

و إغترب..

و إقترب..

و تغنى..

و تمنى ..

و أعلمها بعد ذلك بنيته في الإرتماء على الورق للرسم،

و رسمه لن يكون في لونه عاديا،

و لن يغدو في تعبيراته تقليديا،

فهو سيكون رسما بالحروف نديا،

و يخبرها هذا النبأ هكذا :

"كل الدروب أمامنا مسدودة

و خلاصنا ..في الرسم بالكلمات.."،

هو الآن مستسلم لما تختلج به حروفه،

و شرع في كتابتها في كل دروبه،

و إنتشى بما فيها فصارت روحه بما فيها مسلوبة،

فيقول:

"كتبت على دفتر الشمس

..أحلى خبر

(أحبك جداً)

فليتك كنت قرأت الخبر"،

و كلماته تعشق كلمات عتبها ،

و تلمع أكثر كلما أعلنت شغبها،

فترد كلماته على نظراتها اللائمة ليدللها،

فيتغزل بها هكذا:

"و تصبح أبعاد عينيك أكبر

أحبك فوق المحبة ..لكن

دعيني أراك كما أتصور.."،

و فجأة أجهشت خواطره بالبكاء،

و كأن بها شيئا يحفزه على الرثاء،

و هي الوحيدة التي إرتضى لها البقاء،

و هو تتقاتل فيه لحظات النقاء،

فيسر إليها ما في نفسه :

"إذا أتى الشتاء

و انقطعت عندلة العنادل

و أصبحت..

كل العصافير بلا منازل

يبتدئ النزيف في قلبي .. وفي أناملي .

كأنما الأمطار في السماء

تهطل يا صديقتي في داخلي "،

و بالرغم من هذه العتمة القلبية،

فهي و مع كل ألمها ليست أبدية،

فوجود حبيبته يسري عنه ،

فهي ليست كل البقية ،

فيعترف لها قائلا:

"حبك طفل أشقر

يكسر في طريقه ما يكسر

يزورني حين السماء تمطر

يلعب في مشاعري و أصبر"،

معشوقته تعبث بهيامه بها ،

و تتلاقف عباراته كلعبة لها،

و ترى في أحواله تسلية لها،

و لكنه لا يملها ،فهي من هوى

فؤاده مشاغباتها ،و قبل نزواتها

،وتحمل مزاجاتها، فيعلمها التالي :

"كل الذي أعرف عن مشاعري

أنك يا حبيبتي حبيبتي

و أن من يحب

لا يفكر"، هو جن بها ،

و فتن بعشقها ،

وإحتار في أمرها،

و في وقت ما ضاع في عينيها ،

و أفصح لها عن ذلك :

"لو أني لو أني بحار

لو أحد يمنحني زورق

أرسيت قلوعي كل مساء

في مرفأ عينيك الأزرق"،

هو غارق في هواها،

و ساع لرضاها،

و متأهب للقياها ،

هو بات يتصورها كقطعة منه ، وهذا وصفه لها:

"أصبحت جزءا من يدي ..

جزءا من إنسيابها

من جوها الماطر

من سحابها

كأنما ..

في لحمها ،حفرت

في أعصابها"،

هي تضفي على حسه الجمال،

هي تزين شعوره بما فيها من عدم كمال،

هي من يحلو معها زمنه و يكتب لها كل ما قال،

هو يقر لها بالتالي :

"أخطاؤك الصغرى ..أمر بها

و أحوط الأشواك ريحانا..

لولا المحبة في جوانحه

ما أصبح الإنسان إنسانا"،

هو يسامحها على هفواتها،

و يظهر لها بأنه القادر على إسعادها،

فهو من يستسيغ حتى جراحها،

و وصل به شغفه بها إلى مرحلة ،قال فيها:

"فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً

فالصمت في حرم الجمال ..جمال

كلماتنا في الحب ..تقتل حبنا

إن الحروف تموت حين تقال "،

فإسكاته لحروفه في بعض الأوقات

جاء لكون ما جمعتهم من لقاءات

كانت تفوق كل المفردات،

و إستحقت أن تكون أروع اللحظات،

و كعادة العشاق بعد التمنع عن الكلام

قام بلومها على ما أرسلته له من رسائل

فتوعدها هكذا :

"هذا بريد أم فتات عواطف

إني خدعت ..و لن أعود فأخدعا

يا أكسل إمرأة ..تخط رسالة"،

و عندما حاولت أن تتدلل و هي تلوذ بمبرراتها ،قاطعها قائلا التالي :

"أنت،منذ البدء يا سيدتي

لم تعيشي الحب يوماً كقضية

دائما.كنت حائرة في أبجدية..

قشة تطفو..

على وجه المياة الساحلية"،

هو غاضب منها،

حانق على ما بدر منها،

هو يتمنى لو أنه يستطيع الإبتعاد عنها،

و لكن أين المهرب منها؟!

هو العاشق الذي إغترفت الأشواق من أيامه

عندما أعلن لمعشوقته هيامه،

فهو من أصبحت جفون أحاسيسه ساهرة،

و غدت عنده ملاذ مألوفات الحياة بدونها راحلة،

و إعتلت نثرات حبه لها في محافل المتيمين قاطبة،

و تقاسمت مفاتن غرامه بها خلجاته الصاخبة،

إنه من تفرست عباراته لحبيبته فلذاته الغير عابرة !

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق