النباهة والاستحمار > مراجعات كتاب النباهة والاستحمار > مراجعة مروه عاصم سلامة

النباهة والاستحمار - علي شريعتي
أبلغوني عند توفره

النباهة والاستحمار

تأليف (تأليف) 3.8
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

أتعلم تلك النهارات التي تتوق إلى السباب ؟؟ هي لي منذ يومان !! حيث ملأتني الجسارة ذات صباح فأخذت على نفسي غليظ الأيمان بقطع أحبال التعلق لبعض أشياء أحبها....وفقط من يحب نفسه قدري ، لابد يعلم أن حرمانه ولو علكةً يهواها كفيلٌ بتفجير طوفان من العدائية يحرق بداخله كل جميل، ولا ينسى نصيب من حوله من متطاير اللهب ....بتلك السادية تحمست لعنوان الكتاب ..هيا بنا (علي شريعتي) نسبّ الأغبياء و الحمقى ..نغرق العالم في الهجاء ، ثم ننجو أنا وأنت فقط على متن هذا الكتاب...فإن كنت مثلي و أتى بك إلى هذه الصفحات مثل تلك الاسباب فهي لنا إذن قصاص.. سنرى أنا وأنت فيها حياتنا كمسرحية هزلية....ولأن الغلاف بين أيدينا فسيرضينا أننا وحدنا من يملك اختيار رفع وخفض الستار ..ستبدأ المسرحية وتنتهي بمشهدٍ صامتٍ وحيد.. وعلى سبيل التجديد ستوزع الأدوار على الحضور ..ولا تخشى شيئا فهناك من الأدوار ما يكفي الجميع.. .فاختر لنفسك ما شئت مابين عالم أومتعلم ..شيخ أوراهب ..بائع أو شاري الدور الذي تريد ..فكل ما هناك ..أن سيتبوأ كلا منّا مقعده من الطاحونة وحيث يتعاقب بخلفية الديكور الليل وراء النهار، سيكون كل المطلوب أن نمارس مع الآخرين جدية التظاهر بقيمة هذا الدوار اللعين ..ثم نتبادل عند إلتقاء الأعين إيماءات التحية مع صفرة الابتسام .ولا تقلق على الحوار فسينفرد به (علي شريعتي ) وسيكون فيه من الرحمة ضنين ..واضعاً نصب الأعين قبح المشهد المستعاد ..تلك اللحظة الدميمة التي اخترنا فيها أُنس القطيع نتبعه إلى غير المراد من إنسانيتنا ..حيث الروتين اليومي والمعارك الوهمية والعدو صوب زيف الشهادات العلمية والألقاب ..قائلين : يا نفس هي أقدرانا وإليها نُقاد!!..يُسدل الستار بنظرة (علي شريعتي ) الشهيرة الماكرة تلك حيث يأتيك من ذات اليمين وذات الشمال ..مصوباً فوهة السؤال عقر فكرك هاتفاً بعنف : ( أمن أجل هذا حقاً خُلقت؟؟)

وجدت لنفسي أكثر من صورة هنا ولم تكن (النباهة) دوري كما اعتقدت .. غير أن أدائي كان لا بأس به في كثير من ادوار (الاستحمار) التي ذكر خاصة ما تعلق منها بالدين والنزعات الصوفية والانعزالية وتمجيد الزهد فلقد كان كمن يرجم بناءا حصينا في نفسي من المعتقدات أحتمي به عند الملمات ولا أمن لي في سواه .وحيث أن حديثه لابد يُقرأ ككل لا يتجزأ فلقد اختزلت القليل منه فقط في تلك الشذرات التالية :

يتحدث عن ما يسميه (الدين الاستحماري) .. فيقول :

((ماذا يفعل هذا الدين بالانسان فيستحمره ؟؟ علما أنه ليس باستطاعة الدين أن يسلب من الانسان نباهته الفردية ومسؤليته عن مصيره ومجتمعه لعله يقول لك : دع الدنيا فإن عاقبتها الموت وادخر كل هذه الحاجات والمشاعر والامنيات إلى الآخرة ..إلى ما بعد الموت ! وليس الفاصل الزمني بكثير وبعدها كل شئ طوع إرادتك وتكون من أؤلئك الذين هم فيها خالدون ! نعم ..إنها سنوات العمر القصير لا قيمة لها ..دع الدنيا لأهلها ..ذلك الدين يسلب مني مسؤلياتي اتجاه مجتمعي بطريقين ، الأول : يأخذ مني مواهبي التي أمتلكها ويكلني إلى ((العباس)) ويزيح عني كل مسؤلية ..والثاني: حينما أرى نفسي مقصرا مسيئا إلى المجتمع ومصيره فأقع تحت ضغط ضميري وتجرني ((الدراية الاجتماعية )) إلى أن أرجع حقوق الناس إليهم ..تجد أنك غير قادر على ذلك وهناك طريقا أسهل: أن تقرأ وأنت متجه إلى القبلة هذه الكلمات ست مرات وبعدها لا يبقى عليك شئ .. وهكذا تتساءل أنت : لأي شئ أتحمل ثقل المسؤلية الاجتماعية إذا كان واجبي نحو الناس يلزمني أن أضحي بنفسي في سبيلهم! هناك طريق أسهل ! إنه كتاب الأدعية ))

وعن الاستحمار بالعلم والتخصص: :

((قد لا يفكر الاستاذ أو الفيزيائي أو الفيلسوف أو الأديب أو المؤرخ أنه يمكن أن يكون لا شئ من الناحية الفكرية وأنه في مستوى أقل العوام شعوراوحتى الأمّي قد يكون أرقى منزلة في الدراية الشخصية وفي معرفة الزمان والمجتمع ..إن بقاء المتعلم جاهلا والمثقف فاقد الشعور وإعطاء كلا منهما ألقابا بارزة كالدكتور والمهندس والبرفسور لحالة مؤلمة جدا فيما لو استمر أي منهم عديم الفهم والنباهة والشعور بالمسؤلية اتجاه حركة التاريخ التي تأخذه معها هو ومجتمعه لخطر كبير جدا لأن الانسان إذا أشبع بالعلم لم يعد يشعر بالجوع الفكري حيث إن المتعلمين في هذه الايام ينظرون إلى قضايا العلم منفصلة عن قضايا الفكر))

((إن التخصص يسبب انغماس الانسان في إطار محدود وصغير جدا مجردا عن المجتمع وبهذا فإنه يسلب ((النباهة /الدراية ))الاجتماعية والسبب في ذلك كون التخصص يعمل على نمو الفرد من جهة واحدة ويعطله من سائر الجهات .والسؤال هنا : هل التخصص أمر لازم ؟؟ .نعم إنه أمر لازم، ولا ينبغي أن نعدمه لكنه علينا في الوقت الذي نتخصص فيه في فروع مختلفه أن نحفظ (كليتنا الانسانية)) و(كليتنا الاجتماعية ))

وعن (الاستحمار بالشعر والأدب):

(( في كتاب يعود تاريخه إلى سنة 618 هجرية وهي السنة التي دخل فيها المغول إلى إيران وتركوها تسبح في لجة من الدماء ..في تلك الظروف كان المؤلف ينظم الشعر !!..فإلى كم يرتفع الصلف ؟؟ وشاعرنا هذا نظم قصيدة من مائة بيت يرتب الكلمات والعبارات على نهج تقرأها فيه فإذا هي قصيدة في مدح الخاقان ...وإذا قرأتها على نحو آخر تصبح غزلاً.وقد تقرأ القصيدة على شكل الشجرة فاحسبوا معي إلى كم من الزمان يحتاج الإنسان ليكون قادرا على نظم قصيدة تقع الكلمة الثانية من البيت الأول موقع الثانية والعشرون في منظومة غزلية وتقع الحادية عشرة من المصراع السابع في بداية شعر رباعي آخر ..لا بأس إذن ولكن ما الفائدة من هذا العمل ؟؟ فبينما كان جنكيز خان ينهب ويحرق ويقتل يفر هذا الشاعر ويقوم بعمله هذا فانظروا معي كيف يمسخ الانسان فيكون ضحية للاستحمار ؟؟))

عن الاستحمار بالقومية يقول :

(( كان الالماني البائس زمن هيتلر يقول بزهو وغرور : أنا عازم على الحرب! هناك في اميركا خمسة ملايين من العرق الجرماني أريد أن أرجعهم إلى ألمانيا كيلا يتلوث أصلهم فيمتزج بسائر القوميات ..حقا ما أسخفه إنه يموت جوعا وفاقة ولا يشعر بذلك ..لقد تمركز الاستحمار في قلبه))

((وكم من المحاوارات والنزاعات أجريت حول بعض الكلمات العربية الداخلة في الفارسية ؟ حسنا حذفوها ثم ماذا بعد ذلك ؟؟ لا شئ غير الجدال والنزاع مرة أخرى على الخط القديم والحديث .. فأين أنتم يا بشر ؟ أين تجلسون ؟؟ هذه كلها حروب استحمارية ))

وعن الاستحمار بالوهم :

((إنه في الفترة الممتدة بين 1320-1330 أُختلقت عشرين معركة في إيران من أجل أن لا تعرض قضية شركة النفط على الأفكار والأذهان وفي القرن التاسع عشر الميلادي عندما بلغت نشاطات الاستعمار ذروتها ظهر سبعة عشر نبيا في فترة لا تزيد على ثلاث عشرة سنة من الصين إلى بو شهر في إيران ,,وبينما كان أبناء شعبنا يتجرعون الموت من ظلم الاستعمار ..قُتل ألاف الفلاحين الايرانيين في اختلاف عقائدي مداره : هل إن الامام موجود في عالم المادة أم هو من عالم الروح؟؟ ))

هذا المثال البسيط من معرض كلامه أجده يرسم الخط الذي يقصده (شريعتي) بين النباهة والاستحمار:

((عندما يشب حريق في بيت ويدعوك أحدٌ إلى الصلاة ينبغي عليك أن تعلم أنها دعوة خائن لأن الاهتمام بغير إطفاء الحريق والانصراف عنه إلى عمل آخر هو الإستحمار وإن كان عملا مقدسا ً))

وُجد المفكر الإيراني (علي شريعتي ) مقتولا بشقته قبيل الثورة الإيرانية بثلاثة أعوام ..و لقد فاته بذلك أن يضيف أن إحدى أثمان (النباهة) تلك النهاية ..أما (الاستحمار ) فله طول الحياة ..فهنيئاً لي .

Facebook Twitter Link .
4 يوافقون
3 تعليقات