الأشج > مراجعات كتاب الأشج > مراجعة مروه عاصم سلامة

الأشج - غازي القصيبي
أبلغوني عند توفره

الأشج

تأليف (تأليف) 3.8
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

في أول عهد الصبا كانت تستهويني واحدة من أشهر المجلات العربية ..كانت من تلك الأنواع التي تحاول إقناع النساء بأنه إذا امتد الكحل ميليمترين آخرين فوق عين دون عين لقامت الدنيا ولم تقعد ..و بالرغم من حداثة السن كان للفطرة النقية القدرة على التمييز بين قطعة الجمال وركام الزيف ..فأذكر أني كنت أمضي وقتاً أمتع عند القصة القصيرة والشعر ثم أنتزع ما يروقني وأخبئه في علبة لي تحت السرير ...وكان لدكتور / غازي القصيبي آنذاك نصيباً كبيراً من كنزي الثمين ..فلقد كانت له صفحة مع كل عدد من هذه المجلة يكتب بها غزليات منمقة على طريقة نزار قباني غير أنها لا تنقض الوضوء.. والآن و بعد أكثر من عشرة أعوام أضاء لي يوماً معتماً بهذه المرثية الجميلة ..(الأشج) عمر ابن عبد العزيز ..أو كما سماه حلم العدالة المستحيلة.

- بدأها باقتباس لمقولة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حين قال: (( من ولدي رجل بوجهه شجة يملأ الأرض عدلا))...ثم يسرد الحكاية شعراً قائلا:

وأبي ..واسطبل الجياد

ابي الحنون

أدنو ..فترسو في جبيني

ركلة المهر الحرون

وأغيب في الظلمات حيناً

ثم يوقظني ضجيج المعولين

وأبي يضمدني..ويهمس:

إن تكن أنت الأشج

فيا لسعدك!

يا لسعد بني أمية!

يا لسعد العالمين!

- فيكبر عمر ابن عبد العزيز والشجة في وجهه والعدل يملأ أرضه ..ثم يأتي يوم السم المدفون بأيدي الأقربين فيحكيها على لسانه قائلا:

القاتلون دمىً ..تحركها غرائز

في دماء الفاسقين

وفي عروق العابدين

جيش من الشهوات ..

أعنف من قساة الفاتحين..

شوق إلى العلو على الأنام

جوع إلى الأموال

تقطر من دماء المعوزين

- ويعفو عمر ابن عبد العزيز الفتى الموكل بوضع السم له بل و يعتقه لئلا يؤذى فيه..فينظمها د/ غازي على لسانه دفاعا بليغا:

لا تأخذوا بدمي الغلام

هو ما سقاني السم

بل فتح المنافذ للسجين

رباه!

ما أشهى الختام !

الآن ..أغمض ناظري

ولا أفكر في العفاة ..

وفي الولاة .. وفي القضاة .. وفي الجباة ..

وفي الوشاة .. وفي المظالم ... والظلام

الآن .. أبصر كيف

يومض في الأسى

فرح اليقين

- ويموت عمر ابن عبد العزيز شهيداً وله من العمر 39 عاماً فقط.. وأنقش على جدارية قلبي هذا المقطع الحزين لأذكر نفسي بصدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)) ويكذب كل من قال أن للمؤمن سعادتين في هذا الكون ...هي واحدة فقط ...ويكذب كل من قال أن للإنسان أمنين في هذا العالم ...هو أمن واحد فقط..وربما يحين يومٌ يتوقف فيه عقلي عن العدو قليلاً ويقرأ ما نقشته له:

أرنو لعامي الأربعين

وأمد كفي نحوه

ويمد نحوي كفه

فعلام أشعر أنني

قد عشت ألآف السنين؟

وعلام أشعر أنني جربت كل خطيئة

طافت من الأزل القديم..

ببال كل المذنبين؟

وجرعت غصتها ..

وذقت عذاب كل النادمين؟؟

اواه يا زمن الشباب!

زمن المشاعر ترتوي

وتعود ظمأى

من بحيرات الحياة

اواه يا زمن الشباب!

أواه لو كنت السراب!

- لم أكن أعلم قبل هذه المرثية الجميلة أن لعمر ابن عبد العزيز شجة بوجهه .. ولها في عيني الآن سمة البهاء ..ولكني منذ زمن ليس باليسير أرى وألمس شجة غائرة بقلب كل عربي من أثر ركل دواب الحكم البغي وبهائمه ولهذه في عيني لون الخزي وقبح الشقاء ، ولا أدري حقاً أي الرجلين أولى بالرثاء ؟.

Facebook Twitter Link .
4 يوافقون
اضف تعليق