طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد > مراجعات كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد > مراجعة أمل لذيذ

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد - عبد الرحمن الكواكبي
تحميل الكتاب مجّانًا

طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب مجّانًا
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

في إحدى الخطب سمعت شيخا يحث الحضور خاصة الشباب منهم على قراءة كتاب يتحدث عن عن الأوضاع الحالية التي يشهدها العالم العربي و الإسلامي بالرغم من أن الكتاب قد كتب منذ فترة طويلة للغاية، و هو كتاب للمفكر عبدالرحمن الكواكبي و إسم الكتاب (طبائع الإستبداد و مصارع الإستعباد)، و هو كتاب ليس بالطويل و متوفر بنسخ حديثة، و ذكر أيضا بأن الكتاب له أهمية كبيرة تاريخيا و سياسيا ،و إني إنتظرت حصولي على نسخة من هذا الكتاب لكي أستوضح سر الإهتمام بهذا الكتاب و الذي تضاعف مؤخرا .

أخذت الكتاب و صرت أقلب صفحاته و أنا في حالة ترقب لما يدور بين طياته ، و فور بدأي في القراءة شعرت بملامسة الكتاب لواقعنا ، فإتضح لي بأن واقعنا الذي نعيشه الآن هو تكملة لما كان منذ زمن المفكر عبدالرحمن الكواكبي ، و بالطبع التقارب بين الزمنين صار في عقلي أكبر مع إطلاعي على باقي فصول الكتاب ، و في أول الفصول ركز الكاتب على معنى الإستبداد و ما إسترعى إنتباهي هو أنه ربط الإستبداد بالغرور، و أنا أتفق معه فالعاطفة السلبية و ما تصاحبها من أهواء تؤثر دائما سلبيا على إتخاذ القرارات حتى الشخصية منها ، و من ثم إستعان الكاتب بآيات قرآنية و أحاديث تبين فكرته عن ماهية الإستبداد و شيئا فشيئا ولج لجوانب أخرى في شرحه لموضوع الإستبداد و هو يضيف أمثلة قرآنية و تاريخية ليتعامل مع الإستبداد و كأنه شخص له ملامح و قسمات ، فإن إختلفت الملامح الخارجية لمن إستطاب لهم حمل سياط الإستبداد فإن ملامحهم الداخلية لها قواسم مشتركة ، فأخذ يعدد لنا الملامح و الصفات التي وجد بأنها متداولة بين طواغيت العصور ،و أخذ يفصل و يعلل و هو يرسم لنا المعالم البارزة في تصرفاتهم و أفكارهم و مواقفهم و تعاملهم ،و بعد هذا الوصف للطواغيت قام بإلحاق وصف آخر لمن يعينونهم على ظلمهم و أوضح العلاقة النفعية التي تتم الإثنين و عدم إحساس كل قطب من القطبين بالأمان تجاه الآخر ، و إنتقل كلام كاتبنا لوصف القطب الثالث المظلوم و هو الشعب ، فالشعب المستضعف عيون رؤيته فيها خنوع ،و أفواهه لم تذق إلا طعم الجوع ،و لسانه إعتاد على قول "نعم" ،و رأسه مطرق دائما من كثرة تفكيره في تحقيق أبسط إحتياجات معيشته ،و أيديه لم تضم ما تشتاق له نفسه من كرامة .

و بمنتهى السلاسة مع أن الفصل يناقش موضوعا فيه شيء من الحساسية، و هو منظور الدين للإستبداد و علاقته به ،و الكاتب كان في طرحه شجاعة و سعة أفق فهو بين أن الأديان و من ضمنها الدين الإسلامي بريئة مما نسب لها من دعم للظالمين ، و سارع الكاتب في سبر حجته من خلال توضيح المفاهيم الحقيقية للأديان عامة و الدين الإسلامي خاصة للإستبداد و الإستعباد ،و دعم ما ذكره بنصوص دينية، و من ثم لمس المحل المبهم في هذا الشأن ،وهو منشأ الخلاف و الذي قد يتجنبه البعض الخوض فيه و لكنه خاض فيه و فتحدث عن الحوادث التي تمت فيها مساعدة الطواغيت من قبل من إتشحوا بأستار الأديان فبين أن هذه الحوادث لا تمثل الأديان لإن الأديان و من ضمنها الدين الإسلامي ترحب بالسلام، و تدعو لرفع الظلم و نصرة المظلوم ،و ما حدث هو أن البعض تلاعب بمشاعر الشعوب بعرضهم لما يحقق أهواءهم بستره بالدين ،و أنا أرى أن هذه الإشكالية ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا ، و قد حاول كاتبنا تعليل أسباب هذه الظاهرة ، و من الأسباب المقترحة ضعف النفوس ،و الجهل بالدين، و تفويض الأمر لغير أهله ،و إستيراد إيدولوجيات غير سوية .

أما الفصل الختامي فورد فيه لفظ لا تكاد تخلو نشرة أخبار في قنواتنا الفضائية و لا جريدة محلية كانت أو عالمية من إستخدامه و هو "الثورة" ، فالكاتب يشرح لنا بأن قيام الشعوب المظلومة بالثورة ليس بالأمر الهين ،و كأنه أراد أن يقول لنا بأن خروج االشعوب من منازلها وإنتفاضتها ضد الظلم جهرا هو المرحلة الأخيرة من نتائج تفشي الظلم ، و بالنسبة للأمور المسببة للثورات في الكتاب فمنها فعلا ما حصل في واقع الكاتب و في واقعنا ، و طبعا حدثنا أيضا عن إيقاف الفتن و محاولات الإصلاح ، و بعد ذلك تكلم عن البديل الذي ينبغي أن يطرح قبل الثورة ، و بين الآثار التي ممكن أن تترتب في حالة وجود بديل ،و الآثار التي ممكن أن تطرأ في حالة عدم وجوده، فكان حديثه عن خطة معدة و مجهزة لما بعد الثورة و شدد على أهميتها ، أتصور بأن طريقة تفكير المؤلف كانت منظمة و فيها إستشراف للمستقبل و مسعى لحقن الدماء كما يحس من كلماته ، و هنا يهم عقلي بالتساؤل التالي :" هل تنتظر الشعوب المظلومة و تتريث حتى تنجح البوادر السلمية و تأخذ وقتها في إعداد لإحتمالية الثورة و تجهز البديل أنسب لها و قابل للتطبيق فعليا أم تسرع في محاربة ما مسها من ظلم و تواصل محاولة إرجاع و إنتزاع حقوقها المسلوبة بأسرع وقت ؟!"

كتاب (طبائع الإستبداد و مصارع الإستعباد) يحرك ذاكرتي لتتذكر مقولة الإمام علي بن أب طالب –كرم الله وجهه- :

" الناس من الخوف من الذل في ذل " .

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق