الفيل الأزرق > مراجعات رواية الفيل الأزرق > مراجعة نزار شهاب الدين

الفيل الأزرق - أحمد مراد
تحميل الكتاب

الفيل الأزرق

تأليف (تأليف) 3.9
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
1

** spoiler alert ** كيف تحول فكرة حبكة سينمائية جيدة إلى ليلة أخرى من ليالي ألف ليلة

(بنفس أسلوب الرواية)

لا أرى هذا النص روائيًا بل ما يوصف في الغرب بالـ

Pop Literature

تمييزًا له عن الأدب الجاد، وأحد أشهر روايات هذا الصنف من الكتابة هو روايات الإثارة

Thrillers

والتي ينتمي إليها الكتاب. سمات هذه الروايات هي، عادة وعلى سبيل المثال لا الحصر:

- الاعتماد الكلي على الأحداث (في مقابل الاهتمام بالشخصيات أو المشاعر أو اللغة أو النظرة الفلسفية أو البناء الدرامي المتكامل) فيكون العنصر الأساس الجاذب هو السعي لإجابة سؤال: ماذا سيحدث بعد ذلك، لهذا يكون أعلى مديح لهذه الكتب هو أنها:

A page turner

أي تجبرك على تقليب الصفحات بسرعة وشغف لتعرف ما سيحدث بعد ذلك

- سطحية الشخصيات عمومًا ونمطيتها، بحيث يمكنك أن تقول إنك رأيت هذه الشخصية من قبل في قصة كذا، أو، بشكل أوقع، في "فيلم" كذا

- الاتكاء على تقنيات السينما والتشابه الكبير في أسلوب الكتابة من الاعتماد على الحدث والصورة (في السيناريو لا يوجد ما في الرواية من وصف وتعمق في الشخصية من خلال الكتابة بل يكون الاعتماد على الصورة لتحقيق كل ذلك)

- بساطة اللغة وضعف الاهتمام بجمالياتها

- سرعة الإيقاع

- الالتجاء إلى قليل أو كثير من البهارات الجنسية

- اعتماد الحوار على كليشيهات جاهزة أو كونه غير واقعي كأنه مستقى من كتاب "كيف تتكلم الشخصيات" فصل "زعيم العصابة"، فصل "الشرير العادي"، فصل "الشيطان"، إلخ.

من أمثلة ذلك كتب دان براون وستيفن كنج إلا قليلا جدًا. ستيفن كنج يؤكد انتماءه لهذا بانطلاقه في كتاباته من "الموقف" أو "الفكرة" بدلا من الشخصية، فالفكرة والحدث هما ما يسوقانه، لا الشخصية ببنائها المتقن القريب من الواقع.

حسنًا، بعد هذه الديباجة المملة، ما المشكلة؟

لا مشكلة. هناك من يحب هذا اللون من الكتابة الخفيفة الصالحة للقراءة على الشاطئ وكرات المضرب تطير فوق رأسك لكنك لا تكترث تمامًا كما لا تكترث بمعاناة أية شخصية من شخصيات الكتاب الذي بين يديك لأنك، باختصار، تريد أن تعرف ما سيحدث. لا بأس، مات فلان، احزن قليلا لكن لا تعطلني، ماذا بعد؟

وشخصيًا لا أجد بأسًا في قراءة هذا الصنف من وقت لآخر كاستراحة بين كتابين حقيقيين، وإن كانت كثرة الكتب تجبر المرء على التشدد في أولوياته مما جعلني أهمل هذا اللون تقريبًا.

المشكلة الحقيقية تكمن في أن هذا النص فشل، في رأيي، في أن يكون رواية إثارة جيدة رغم محاولة الكاتب المستميتة وضع كل ما لديه من مكونات. حبكة نفسية (للوهلة الأولى، ثم لا يلبث أن يسكب على جمرتها كل ما لديه من ماء مثلج مع استمراره في تحريك الهواء فوقها لأنه وحده ما زال يراها تستعر)؛ شخصية بطل مختلفة (بافتراض أنه لم يسبقه نحو ثلاثين فيلمًا أميريكيًا ومئة فيلم مصري يقلدها إلى فكرة البطل المليء بالسلبيات المعاقر لكل أنواع الرذائل، أو بالأحرى بافتراض أنه لا يشاهد أحد الأفلام سوى الكاتب الذي سافر في بعثة طهطاوية إلى الأراضي الهوليوودية أو إلى مدينة الإنتاج الإعلامي)؛ خمر بتفاصيل معاقرتها؛ مخدرات بأنواعها وطرق تناولها؛ نساء من طائفة النجوم في علاقات وحشية برائحة خيال المراهقة الملتهب؛ جثتان أو ثلاث؛ مطاردة صغيرة؛ لغز يزداد تعقيدًا ويشوقك إلى لحظة الكشف.

تحملت كل هذا، مع ركاكة اللغة وأخطائها الصارخة، لأن الفكرة بدت واعدة، وسينمائيًا، كما في هذا اللون من الكتابة، إن كانت الفكرة جيدة أمكن التغاضي عن كثير من العناصر الأخرى لأنه يمكن تداركها. حبكة نفسية معقدة وراءها ما يبدو أنه بحث لا بأس به لتجنب الوقوع في أخطاء علمية. وحين رفعني الكاتب إلى ذروة ترقب كيفية خروجه من العقدة التي أدخل نفسه وإيانا فيها فاجأني، كالنكات المستفزة التي اعتدناها في صغرنا، بأن الموضوع ليس نفسيًا بل هو مس شيطاني!! حقًا؟!! حقًا حقًا؟؟!!

ألم تعلق شخصية بطلك، الملول الساخط على كل ما حوله، على هذا الأمر بينك وبينها؟ ألم يرمك بسباب منتقى مما أغرقنا به النص بسبب التجائك لهذا المخرج المبتذل مليون مرة؟ ألم يقل إن ألف ليلة وليلة لن يضاف إلى نصها شيء جديد لأنها صدرت في أكثر من طبعة؟

بديهي أن الأمر ليس اعتراضًا على عدم واقعية الأحداث بسبب دخول عنصر الجن، بغض النظر عن إيمان القارئ بها، لكنه اعتراض على استهلاك الفكرة، فتقريبًا من كل شخصين في الشارع ستجد لدى واحد منهما قصة ما عن الجن ومسه. ويزيد من بؤس المفارقة وضع هذا مقابل الخط النفسي الذي سار في النص من البداية. ما بدأه كحبكة نفسية علمية أنهاه كحكاية مقاهي شعبية تتجول فيها الجن أكثر من البشر.

وأخيرًا، ما دمنا قد أفسدنا العمل، فما المانع من نهاية سعيدة هوليوودية مصرية مهجنة يهنأ فيها سعيد بسعيدة وابنتها مسعدة معًا؟

--

تعليق هام

في حوار البطل مع الشيطان، أقحم الكاتب عبارة على لسان الشيطان لم أرَ لها داعيًا ولا أحب أن تكون لي الدنيا بناقديها وجوائزها وألقى بها الله في ميزاني. هذه الجملة فيها سوء أدب مع الله تعالى لم يكن في حاجة إليه على الإطلاق. ولم يكن هناك داعٍ لنقل كل شيء من هوليوود حتى سفالة الشيطان الواقعية وسوء أدبه مع الله. كان يمكن للكاتب، مثلا، أن يُجري بأسلوبه على لسان الشيطان شيئًا مما قاله بالفعل في حواراته مع الله تعالى في القرآن، كقولته في خلق الإنسان من طين وخلقه هو من نار، وهي نفس نقطة القوة والضعف في الخلقة التي تعرض لها الكاتب، بدلا أن يبتكر عبارة جديدة من سوء الأدب الشيطاني مع الله تعالى لتكون مسجلة باسمه.

غفر الله لنا وله

Facebook Twitter Link .
29 يوافقون
36 تعليقات