جدارية > مراجعات كتاب جدارية > مراجعة Nancy Ibrahim

جدارية - محمود درويش
تحميل الكتاب

جدارية

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

في كُلِّ ريحٍ تَعْبَثُ امرأةٌ بشاعرها

خُذِ الجهةَ التي أَهديتني -

الجهةَ التي انكَسَرتْ ،

وهاتِ أُنوثتي ،

لم يَبْقَ لي إلاّ التَأمُّلُ في

تجاعيد البُحَيْرَة .

خُذْ غدي عنِّي

وهاتِ الأمس ، واتركنا معاً

لا شيءَ ، بعدَكَ ، سوف يرحَلُ

أَو يَعُودُ ..

وخُذي القصيدةَ إن أَردتِ -

فليس لي فيها سواكِ

و خُذي (( أَنا )) كِ . سأُكْملُ المنفى

بما تركَتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ .

من أَيِّ ريح جئتِ ؟

قولي ما اسمُ جُرْحِكِ أَعرفِ

الطُرُقَ التي سنضيع فيها مَرّتيْنِ !

و كُلُّ نَبْضٍ فيكِ يُوجعُني ، ويُرْجِعُني

إلى زَمَنٍ خرافيّ . ويوجعني دمي

والملحُ يوجعني … ويوجعني الوريدُ

وجدتُ نفسي حاضراً مِلْءَ الغياب .

وكُلَّما فَتَّشْتُ عن نفسي وجدتُ

الآخرين . وكُلَّما فتَّشْتُ عَنْهُمْ لم

أَجد فيهم سوى نَفسي الغريبةِ ،

أَنا لستُ مني إن أَتيتُ ولم أَصِلْ

أَنا لستُ منِّي إن نَطَقْتُ ولم أَقُلْ

أَنا مَنْ تَقُولُ له الحُروفُ الغامضاتُ :

اكتُبْ تَكُنْ !

واقرأْ تَجِدْ !

وإذا أردْتَ القَوْلَ فافعلْ ،

.. يَتَّحِدْ ضدَّاكَ في المعنى

أَنتِ حقيقتي ، وأَنا سؤالُكِ

لم نَرِثْ شيئاً سوى اسْميْنَا

خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةٌ

على مَهَلٍ أُدوِّنُها ، على مَهَلٍ ،

على وزن النوارس في كتاب الماءِ .

أَنا حَبَّةُ القمح

التي ماتت لكي تَخْضَرَّ ثانيةً .

...وفي موتي حياةٌ ما

سأحلُمُ ، لا لأُصْلِحَ مركباتِ الريحِ

أَو عَطَباً أَصابَ الروحَ

فالأسطورةُ اتَّخَذَتْ مكانَتَها / المكيدةَ

في سياق الواقعيّ . وليس في وُسْعِ القصيدة

أَن تُغَيِّرَ ماضياً يمضي ولا يمضي

ولا أَنْ تُوقِفَ الزلزالَ

لكني سأحلُمُ ،

رُبَّما اتسَعَتْ بلادٌ لي ، كما أَنا

واحداً من أَهل هذا البحر ،

كفَّ عن السؤال الصعب : مَنْ أَنا ؟

سأَحلُمُ ، لا لأُصْلِحَ أَيَّ معنىً خارجي .

بل كي أُرمِّمَ داخلي المهجورَ من أَثر

الجفاف العاطفيِّ . حفظتُ قلبي كُلَّهُ

عن ظهر قلبٍ : لم يَعُدْ مُتَطفِّلاً

ومُدَلّلاً . تَكْفيهِ حَبَّةُ ” أَسبرين ” لكي

يلينَ ويستكينَ . كأنَّهُ جاري الغريبُ

ولستُ طَوْعَ هوائِهِ ونسائِهِ . فالقلب

يَصْدَأُ كالحديدِ ، فلا يئنُّ ولا يَحِنُّ

ولا يُجَنُّ بأوَّل المطر الإباحيِّ الحنينِ ،

ولا يرنُّ ّكعشب آبَ من الجفافِ .

ولم أَكن ولداً سعيداً

كي أَقولَ : الأمس أَجملُ دائماً .

لكنَّ للذكرى يَدَيْنِ خفيفتين تُهَيِّجانِ

الأرضَ بالحُمَّى . وللذكرى روائحُ زهرةٍ

ليليَّةٍ تبكي وتُوقظُ في دَمِ المنفيِّ

حاجتَهُ إلى الإنشاد :

(( كُوني مُرْتَقى شَجَني أَجدْ زمني ))

- أَتعرفني ؟

بكى الوَلَدُ الذي ضيَّعتُهُ :

(( لم نفترق . لكننا لن نلتقي أَبداً ))

واسمي ، إن أخطأتُ لَفْظَ اسمي

بخمسة أَحْرُفٍ أُفُقيّةِ التكوين لي :

ميمُ / المُتَيَّمُ والمُيتَّمُ والمتمِّمُ ما مضى

حاءُ / الحديقةُ والحبيبةُ ، حيرتانِ وحسرتان

ميمُ / المُغَامِرُ والمُعَدُّ المُسْتَعدُّ لموته

الموعود منفيّاً ، مريضَ المُشْتَهَى

واو / الوداعُ ، الوردةُ الوسطى ،

ولاءٌ للولادة أَينما وُجدَتْ ، وَوَعْدُ الوالدين

دال / الدليلُ ، الدربُ ، دمعةُ

دارةٍ دَرَسَتْ ، ودوريّ يُدَلِّلُني ويُدْميني /

وهذا الاسمُ لي …

ولأصدقائي ، أينما كانوا ..

أَما أَنا - وقد امتلأتُ

بكُلِّ أَسباب الرحيل -

فلستُ لي .

أنا لَستُ لي

... أَنا لَستُ لي

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق