رقص .. رقص .. رقص > مراجعات رواية رقص .. رقص .. رقص > مراجعة سماح ضيف الله المزين

رقص .. رقص .. رقص - هاروكي موراكامي, أنور الشامي
أبلغوني عند توفره

رقص .. رقص .. رقص

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.5
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

رقص .. رقص .. رقص

(حكاية التهام)

مدخل..

اسمها لا يمنحك خياراً آخر، قد تضطر لشد جسدك للأعلى والوقوف على أصابع قدميك لتصل الرف الذي توجد فيه، تتناولها من مكانها، وقد تبدأ في تصفحها – حتى إن كنت تحمل أمتعة أخرى، قد تتساقط من يديك حال تناولك لها - ثم تضمها إلى قائمة مشترياتك بدون تفكير أوسع أو سؤال عنها، وهذا ما حصل معي تماماً!

------------------

كانت تحمل اسماً يابانياً، واليابانيون...

تشعر أحياناً أنهم مخلوقات غريبة، لا تشبه الآدميين الذين تعرفهم، سمعت عنهم؛ وقرأت أيضاً، شاهدتهم، تابعت حضارتهم كثيراً، وسمعت عن منجزاتهم أكثر، أما أن أقرأ لهم، كان هذا هو الشيء الجديد. وهو ما أكد لي أنهم لا يشبهون البشر، كذلك أدباؤهم لا يشبهون الأدباء. دوماً؛ هناك علامة فارقة، ودوماً المؤشر متجه للزيادة!

هذا بالضبط ما كنتُ أفكرُ به بينما كنتُ أقرأ رواية (رقص رقص رقص) للكاتب الياباني (هاروكي موراكامي) التي ترجمت للعربية بعد أن لاقت روايته السابقة (كافكا على الشاطئ) رواجاً كبيراً في أوساط المثقفين العرب، والتي وُصف غلاف نسختها العربية بأنه (ذي التصميم الأسوأ) بين أغلفة ترجماتها جميعاً. بالطبع لم أستطع أن أمرّ "مرور الكرام" على أي تفصيلة صغيرة من تفاصيلها، ليسَ بدءاً بالغلاف ولا انتهاءً بسلامة – أو حتى قلة سلامة - اللغة.

ففي الحقيقة أنني أحببت – كثيراً – أسلوب المترجم فهو على الأقل فارق جداً – للأفضل طبعاً - عن أسلوب مترجم الرواية التي سبقتها في قائمة قراءاتي الأدبية!

الآن سأقول شيئاً وليبق – الشيءُ - سراً بيننا...

على الرغم من ذلك فإن فيها بعض الأخطاء الإملائية، سأسوق هنا مثالاً واحداً فقط: كلمة (بذة) بدل (بزّة) وتكرارها أكثر من مرة، لا يعتبر خطأً طباعياً بالقطع، هو بالتأكيد خطأ إملائيّ، وأنا تستفزني الأخطاء الإملائية!

فضلاً؛ أكمل الآن... على اعتبار أنك لم تقرأ الفقرة السابقة!

ربما كان البطل في هذه الرواية يرقص بيننا كما أمره (الرجل المقنع) حتى دون أن نشعر أو ننتبه لوجوده، يعرفني ويعرفك ويعرفنا؛ تشعر بذلك، ثم لا تلبث أن تتأكد من أنك تعرفه ويعرفك، تشكُّ أحياناً أنه قابلك ويتحدث عنك فعلاً، ثم تجده يفاجئك بالحقائق واحدة بعد الأخرى بشكل؛ ليس مؤذٍ، ولا مؤلم! لكنه مدهش... مدهش جداً!

فـ(موراكامي) رجل يأتي بأشياء غير معقولة لكن أقل وصف توصف به الأحداث - حين يوظفها بذكاء - أنها (معقولة) فهو قد يقنعك بأنه يتحدث عنك بشكل من الأشكال وليس هناك أي شيء يمكنه أن يقطع بيقينٍ – ما – شكَّكَ بأن الكاتب يعرفك!

والرواية تجعلك تتخيل أن حياتك عبارة عن مسرح كبير، يختلف عن المسارح التي نعرفها بأن الممثلين هم أشياؤك، والستائر منزوعة بفعل فاعل (أشي أنه الكاتب) الذي ينجح مرة أخرى في أن يجعلك في بعض المواطن تشعر أن العالم يحيكُ مؤامرة ضدك، أصدقاؤك قبل أعدائك هم رؤوس تلك المؤامرة وكأنهم ضدك أو كأنك مركز الكون.

وفي الوقت الذي تظن فيه أن الأحداث ليست إلا محض خيال، ومن شبه المستحيل أن تتجمع كلها في حياة رجل واحد، يفاجئك الراوي بواقعية غريبة في أطروحاته، وتلك – برأيي - هي متعة قراءة وحضور الفانتازيا!

شخصياً؛ أعتبرُ أن هذه الرواية واحدة من أجمل ما قرأت من الأدب المترجم فهي تذكرني بواقعنا كثيراً، وقد جعلني الكاتب فيها أتأكد من أن العالم الذي يضم حيواتنا الخاصة ليس إلا صورة مجهرية عنها: كل رقصة / كل همسة / كل ركعة / وكل تسبيحة؛ تشبه صورة في مجهر كلماته وتصويره اللغوي، غير أن شيئاً أكثر لفتاً للانتباه من هذا وهو أن تحت كل انفعال تطبخ قصة حقيقية، فقد لفت انتباهي أن الكاتب – كما يظهر في روايته - يعرف التاريخ جيداً، حتى تاريخ العرب والمسلمين... وفكرت فينا - نفسي والآخرين - دون تحديد فئة ولا حتى نطاق؛ فكرت فينا إن كان ما يشدنا أكثر: هو التاريخ أم العروض التافهة!

خلال القراءة فكرت أيضاً أن الكاتب نجح بالفعل في حشرِ الانفعالات في زاوية صغيرة تحيرك حين تود اختيار واحدة منها أو تمييزها، ففي بعض المواقف كنت أجدني أضحك وفي اللحظة ذاتها أبكي، ربما حتى قبل أن أغادر السطر الذي ضحكت فيه!

مع (هاروكي موراكامي) وتحديداً في رواية رقص رقص رقص، لا يكون لديك إلا خيطاً رفيعاً فقط من الأمل بأن يكون توقعك صحيحاً حين تتوقع نهايةً ما لحدث من أحداث روايته، بينما آخرون - وللأمانة - حين تقرأ لهم تشعر بأنك من كتب الرواية أو القصة، إنني أشعر حين أقرأ لهم أنهم يقطعون معي بعض الوقت الفائض وحسب، أو يساعدونني على ملئه بينما لا أجد شيئاً أملأه به!

فكرتُ في أن أستدل على هذا الوصف - الذي قد لا يصدقه البعض - بجزء من الرواية لكنني أعتقد أن اقتباس شيء من روايته إن جملة أو كلمة أو حتى فقرة؛ سيكون صعباً جداً لسبب من اثنين: أولهما أنك إن فكرت بالاقتباس ستندمج بقراءة التالي فالتالي للفقرة ليُلبِسَ جمالُ كل منها عقلك غمامة تيهٍ، فتضيع الفقرة التي كنت ستقوم باقتباسها بين أخواتها! وثانيهما: أنك ستشعر دوماً أن الرواية كلٌّ لا يمكن تجزئته.. أبداً!

أؤكد أن رواية: رقص رقص رقص.. رواية عجيبة!

لكنه – الراوي - في الحقيقة رجل ثرثار، لا تقل واحدة رواياته عن 600 صفحة من القطع المتوسط!

لذلك..

أعترف أنني قررت وأنا أقرأ له أن أغير عادتي في إخفاء الموجز الذي يقدمه الناشرون أو المؤلفون في مؤخرة الكتاب إلى ما بعد الانتهاء من قراءة الرواية، لقد وجدت للقراءة متعة حقيقية وأنا أقرأ رقص رقص رقص.. بعد أن قرأت موجزها فعرفت ما يقصد، لقد كنت أحلل وأحاول.. لا أقرأ أحداثاً فحسب، وبالرغم من أنني لم يصادفني الحظ في أي تحليل إلا أنني كنت مصرة على أن أحلل،

إنه – ربما - يشبه الكثيرين في مسألة تعليقي بالرواية حتى بعد أن أنهيتها، فقد نجح في جعلي دائمة التفكير فيها، حتى أنني لم أستطع أن أبدأ بقراءة كتاب آخر حتى اللحظة التي أكتب فيها ما تقرؤونه الآن!

والحقيقة أنني لا أدري هل سأقرأ بعد ذلك مباشرة أم لا!

......

سماح ضيف الله المزين

15 أغسطس 2012م

تجدونها على موقعي الإلكتروني:

****

Facebook Twitter Link .
5 يوافقون
2 تعليقات