الإنسان المهدور: دراسة تحليلية نفسية اجتماعية > مراجعات كتاب الإنسان المهدور: دراسة تحليلية نفسية اجتماعية > مراجعة جابر السهلي

الإنسان المهدور: دراسة تحليلية نفسية اجتماعية - مصطفى حجازي
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

نجح المؤلف في دراسة التخلف الاجتماعي باسلوب غير تقليدي كما اعتدناه، فمصطفى حجازي يمتلك ادوات البحث العلمي وتمكن من خلال عملية حفر معرفية في قضية التخلف الاجتماعي بالخروج بالعديد من النتائج العلمية المتميزة والتي لم نعهد مثلها في مثل هذا المجال.

وقد اكد وضح الباحث بان الانسان المتخلف، منذ أن ينشأ تبعاً لبنية اجتماعية معينة، يصبح قوة فاعلة ومؤثرة فيها. فهو يعزز هذه البنية ويدعم استقرارها، وذلك بمقاومة تغييرها، نظراً لارتباطها ببنيته النفسية. وهذا ما يحدث بالفعل في المجتمعات العربية فقد ظلت فترة طويلة (والى الامس عندما بدأ الربيع العربي) في محاربة التغيير لانها مرتبطة بواقعها ولا تتخيل لها واقع غير هذا الواقع، على الرغم من ان التغيير سيجلب لها مستقبل افضل من وضعها الذي تعيشه، كما ان ارتباطها تعزز مع مرور الزمن، وادى ذلك ببطئ حركة التغيير الاجتماعي والسياسي والثقافي والديني بالعالم العربي.

ويذكر المؤلف بان المرأة التي يقع عليها عادة الغرم الأكبر ويفرض على كيانها القسط الأوفر من الاستلاب، من خلال ما تتعرض له من تسلط وما يفرض عليها من رضوخ وتبعية وإنكار لوجودها وإنسانيتها. هذه المرأة المستلبة اقتصاديا وجنسيا في البلدان النامية، تعاني من استلاب أخطر بكثير وهو الاستلاب العقائدي، ويقصد بالاستلاب العقائدي تبني المرأة لقيم سلوكية، ونظرة إلى الوجود تتمشى مع القهر الذي فرض عليها، وتبرره جاعلة منه جزءاً من طبيعة المرأة. وبذلك فهي تقاوم تحررها، وترسخ البنى التسلطية المتخلفة التي فرضت عليها، وأكثر من هذا تعممها على الآخرين.

هذا المثل الذي عرضه المؤلف عن المرأة، نعايشه بشكل يومي في العالم العربي، فمثلا بالسعودية هنالك نماذج على هذا الاستلاب وهذا التبني لمواقف ونظرة اجتماعية تحقر من المرأة، ومن اشهرها "الخطاب الذي كتبته عدد من النساء يطلبن فيه رفضهن لقيادة السيارة و يؤكدن على موقف الحكومة من منع قيادة المرأة للسيارة" وهنالك ايضا حملة "ولي امري ادرى بامري" التي اطلقت على مواقع الترابط الاجتماعي، لك ان تتخيل الى اي درجة وصلت المرأة في الاستلاب.

يذكر المؤلف بان الانسان المقهور الذي حمل السلاح دون ثقافة سياسية كافية، توجه وضعه الجديد، قد يقلب الأدوار في تعامله مع الجمهور أو مع من هم في إمرته فيتصرف بذهنية المتسلط القديم، يبطش، يتعالى، يتعسف، يزدري، ويستخدم قوته الجديدة للتسلط والاستغلال المادي والتحكم بالآخرين. وهو يمارس العمل المسلح بذهنية عشائرية، يتمسك بالانتماء العشائري والإقليمي في تعامله مع الآخرين جمهوراً ومسلحين، مما يوقعه في تحيزات تشكل عقبة فعلية في وجه التحرر الحقيقي.

وهذا الكلام الذي ذكره المؤلف ينطبق بشكل كامل على الثوار في ليبيا، فعندما سقط نظام القذافي، تعاملوا مع مؤيدين النظام و مخالفينهم بالاستخفاف و مارسوا ما كان يمارسه القذافي عليهم، واعتقد بان هذا السيناريو سيتكرر في سوريا بعد التحرر من الاسد.

يعتبر الفصل الثامن الذي يتحدث عن العنف من اهم فصول الكتاب (حسب ما ارى) لان الانسان المقهور الذي عانى عشرات السنين تحت حكم الاستبداد، وتراكم في داخله مئات موجات العنف والذل والقهر، يسعى للبحث عن مخرج لهذا العنف، فهو في حالة تعبئة نفسية دائمة استعدادا للصراع، وقد يبدوا هذا واضحا وجليا على محياه وفي تحركاته فلأقل الاسباب نجد العدوانية اللفظية تنفجر في سيل من الشتائم والسباب، كما ان الخطاب اللفضي سرعان ما يتدهور إلى المهاترة والتحدي والوعيد.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق