بعد الغروب > اقتباسات من رواية بعد الغروب > اقتباس

لم يكن أمامي بعد ذلك إلا خطوة أخيرة شاقة عسيرة، وهي أن أنحي عن طريقي أعز نفس على قلبي.. وتستطيع أن تتصور معي بؤس امرأة تجبرها الظروف على أن تمسك خنجراً لتغمده في قلب حبيبها، فسافرت إليك ثم التقينا في الغابة، وجعلت قبل لقياك أجمع أشتاتاً من الرذائل والشراسة والغدر والنسيان ثم أضيفها على نفسي ليخدعك ظاهري عن حقيقتي، فأعمي عليك الموقف. وما زلت كذلك حتى استطعت أن ألمح إليك بكلمة كم تمنيت بعدها أن يخلصني الموت من متاعب آثارها!؟ وكانت محدثتي لا تزال مطرقة، لكنني رأيت على خديها دمعتين كبيرتين تجريان على صفحتها الناصعة كما ينزلق الندي على بياض الزنبق. ومرت فترة سكون خلت معه أن أنفاسنا ستحتبس معه إلى الأبد، ولكننا تناظرنا بعده في وقت واحد وتنهدنا في لحظة واحدة. قلت: وهل تظنيني إلا صافحاً؟ فقالت: صافحاً.. وكريماً.. ثم تصافحنا ونحن في غمرة من الماضي تقرب أن تكون ذهولاً. هذا أنت يا صديقي ترى أن موكب الحياة قد يلفظ أناساً فيتخلفون فيه وهم في مقتبل العمر، فتجيش نفوسهم بآمال مختلطة يتحقق بعضها الآخر ولكن العظيم منا هو ما تبخل به علينا دنيانيا. وطلبت المال فوجدته ووجدت الشهرة فنلت منها ما يرضيني!! وأحببت الأسرة فأقمت دعائهما وأحطت وجودها وكانت هذه كبريات أماني. وتسألني اليوم بعد أن غربت شمسي ولم يبق لي من الحياة إلا آثار نور يرسلها الشفق وحده على أفقي، تسألني هل نلت كل ما تتمناه؟ فأقول لك: إلا شيئاً واحداً أعده اليوم وحده أعظم أماني جميعاً.. الولد!!.. الولد. معذرة يا صديقي.. كأننا لا نفهم حقائق الأماني إلا في أخريات العمر!.. بعد ألا يبقى لنا من آثار الحياة إلا النور الذي يرسله الشفق وحده!!.. أعني بعد الغروب

مشاركة من فريق أبجد ، من كتاب

بعد الغروب

هذا الاقتباس من رواية