فيض الخاطر - الجزء الثالث > اقتباسات من كتاب فيض الخاطر - الجزء الثالث > اقتباس

كان أول كلمة أوحيت إليه «اقرأ» ولكن ماذا يقرأ؟ وكيف يكلف القراءة وما كان يتلو من قبله من كتاب ولا يخط بيمين؟كلا، إنه لم يكلف قراءة الحروف والكلمات، فهي تقيد البصر وتحد الفكر، إنما كلف قراءة أسمى من هذا وأرقى، إنها قراءة الكون دالًّا على خالقه، ووحدة العالم دالة على وحدة صانعه:

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾، اقرأ: ﴿والشَّمْسِ وَضُحَاهَا* وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾، اقرأ: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾، اقرأ اللهَ في السماء ونجومها، والأرض وجبالها ووهادها، والطير في الهواء، والسمك في الماء، اقرأه في اختلاف الليل والنهار، واختلاف الألسنة والألوان، اقرأه في نبضات القلب وحركات الحس وخلجات النفس، اقرأه في كل شيء تجده في كل شيء.نظرة غيرت كل شيء، وسر أوحي إليه فتكشف له كل شيء، وبدأ يقرأ العالم من جديد، فإذا كل شيء جديد، لقد كان هذا العالم قبل هذه النظرة جامدًا فدبت فيه الحياة، وكان لا دلالة له على شيء فدل على خالق الحياة.

هذا الاقتباس من كتاب