أباطيلٌ وأسمار > اقتباسات من كتاب أباطيلٌ وأسمار > اقتباس

من أشدِّ الغفلة أن نعيشَ هذهِ الأيامَ المظلمةَ بأعينٍ مفتوحةٍ و قلوبٍ مُغفلةٍ, فالقلبُ إذا أغلقت الأبوابُ على بصيرتهِ, فلم يعُدْ لهُ نورٌ ينبثُّ و ينفذُ إلى أعماقِ الحوادث العظام التي تُحيط بهِ من كلِّ جانبٍ, كانت العينُ بعد ذلك أداةً مُجرَّدةً من الإحساسِ, مكفوفة عن النَّفاذِ و اللَّمح, لا تكادُ تُدركُ مما ترى و تُبْصِرُ سوى الظَّواهر الخدَّاعة, و عندئذٍ يُصبحُ الزمان حُطاماً من الساعاتِ و الأيام, و رُكاماً من الشهور و الأعوام, و تُصْبح الأشياء كُلها صفًّا واحداً, و نمطاً متشابهاً, قد خلا من الروابط, و عُرِّي من الأسباب, و إذا بلغ الأمرُ بنا هذا المبلغ, فقد يكونُ من أكبرِ الجهل أن يُسمَّى هذا ( غفلةً ), إنما هو ضربٌ من الموتِ يُصيبُ الحي, و ينقلهُ إلى لَحْدٍ مُظلمٍ لا تراهُ العيونُ, و هو بعد مُقيم على ظهرِ الأرضِ يسعى أو يتحرَّك أو يتكلَّمْ

مشاركة من محمود أنور ، من كتاب

أباطيلٌ وأسمار

هذا الاقتباس من كتاب