مرتفعات ويذرنغ > اقتباسات من رواية مرتفعات ويذرنغ > اقتباس

مشهد موت كاثرن في رواية مرتفعات ويذرنغ لايميلي برونتلي:

كانت السيدة لنتون تجلس كالعادة بالقرب من النافذة المفتوحة و هي ترتدي ثوباً أبيض ، و تضع على كتفها شالاً خفيفاً .و كان شعرها مسترسلاً على طبيعته فوق جيدها و قد تغير شكلها و تبدلت هيئتها بسبب المرض و لكنها كانت تبدو ، إذا ماكانت في حالة نفسية هادئة ،جميلة كالملائكة و قد حل محل بريق عينيها نظرات حالمة كئيبة .لم تعد تبدو أنها تنظر إلى الأشياء التي حولها و لكنها كانت تبدو دائماً أنها تنظر إلى بعيد بعيد جذاً، و يمكن القول إلى عالم بعيد عن عالمنا.

كانت الريح تعبث بصفحات كتاب وضع أمام النافذة ، و لكنها لم تحاول أبداً أن تسلي نفسها بالقراءة أو بأي شيء آخر .

و تقدمت نحوها و قلت بلطف: (إن لك رسالة يا سيدتي يجب أن تقرئيها حالاً لتردي عليها، هل أفضلها؟)

أجابت (نعم) دون إن تحول إتجاه أنظارها .فتحت الرسالة.

كانت قصيرة جداً .و أضفت قائلة (إقرئيها!)سحبت يدها و أوقعت الرسالة على الأرض .رفعتها ووضعتها في حجرها ووقفت أنتظر حتى يخطر على بالها أن تخفض نظرها ، و لكنها لم تفعل ذلك ، قلت لها إنها من هيثكليف.

لاح على وجهها بريق من الذكرى ، و حاولت أن تجمع شتات أفكارها .رفعت رأسها و بدت كأنها تقرؤها ، و لما وصلت إلى نهايتها و قرأت إسم هيثكليف تنهدت و لكنها لم تفهم مضمونها و نظرت إلي نظرة إستفهام و تعجب .قلت لها و قد أدركت أنها بحاجة لشخص يفسر لها ما تضمنته الرسالة :(إنه يرغب في أن يراك ،إنه الآن في الحديقة ، و في إنتظار الرد الذي سأحمله إليه ) و لكنني وجدت هيثكليف عدل عن إنتظاره و دخل البيت بنفسه ، كانت السيدة لنتون أشارت لي بأن أسمح له بالدخول ، و لكنه عرف الغرفة قبل أن أصل إلى الباب ، و في خطوة أو خطوتين كان يقف إلى جانبها و ضمها بين ذراعيه . لم يتكلم و ظلّ يضمها بين ذراعيه مدة خمس دقائق ، و خلال ذلك قبلها قبلات عديدة ،لا أظن أنه قبلها أكثر من ذلك طيلة حياته ، كانت سيدتي هي التي قبلته قبلاً و تبين لي بوضوح أنه لم يستطع أن ينظر إلى وجهها .لقد خامره شعور،كالذي كان يخامرني ،منذ أول لحظة رآها ،وهو أنه لا يمل من شفائها ، و أنها قد إقتربت من النهاية ، و لا بد أنهامفارقة الحياة .

كان أول جملة فاه بها في لهجة لم يحاول فيها إخفاء يأسه :أوه يا كاثي!يا حياتي! كيف أستطيع تحمل هذا ؟ و حملق في وجهها حتى ظننت أن عينيه ستفيضان بالدموع و لكنهما لم تدمعا ، بل إحترقتا من الحزن الشديد.

بادلته كاثرن النظرات ، و قالت (مذا بعد الآن ؟لقد حطمت يا هيثكليف ، فؤاذي ! و قد أتيتني تنحب كأنك تستحق الشفقة ، إني لن أشفق عليك .لقد قتلتني -ما أشد بأسك ! كم سنة تفكر أن تعيش بعد موتي؟)

كان هيثكليف يركع على ركبة واحدة وهو يضمها إليه و هنا حاول أن ينهض و لكنها أمسكت بشعره لتبقيه راكعاً .و أضافت تقول بمرارة و لوعة :(أتمنى أن يكون بإستطاعتي أن أظل ممسكة بك حتى نموت معاً .يجب علي ألا أبالي بما قاسيت .فلقد قاسيتَ مثلما قاسيت !هل ستسامحني؟ و هل ستقول بعد مرور عشرون عاماً أن هذا قبر كاثرن التي أحببتها منذ مدة طويلة و قد ذقت التعاسة لفقدها ، و لكن ذلك العهد مضى .لقد أحببت بعدها كثيراً غيرها ، إن أولادي أعز عندي الآن منها ، و إني لا أحب الموت لأني ذاهب لملاقاتها ، أتقول ذلك يا هيثكليف؟)

صاح قائلا و هو يقرض أسنانه :(لا تعذبيني ! هل تقمصك الشيطان حتى تتحدثي لي بهذا الأسلوب و أنت تقتربين من الموت؟ إنك تعلمين يا كثرن أنك تكذبين عندما تقولين إنني قتلتك ،كما تعلمين أيضاً أنني لن أنساك ، ولو نسيتك لنسيت نفسي ، ألا يكفي أنه بينما تكونين أنت تعمين بسلام أتلوى أنا من الألم و أعذب في جحيم الدنيا؟)

قالت كاثرن (إنني لن أنعم بالسلام !) و أصابتها نوبة قلبية ، فلما خفت ، أضافت تقول (إنني لا أتمنى لك عذاباً أكثر من العذاب الذي أنا فيه يا هيثكليف .و كل ما أتمناه هو ألا نفترق ، و إذا ما أساءتك كلمة مني بعد الآن فأرجوك أن تسامحني ! تعال إلى هنا و إركع أمامي ثانية !إنك لم تؤذني في حياتك ، تقدم نحوي ،مرةً ثانية أرجوك !)

تقدم هيثكليف حتى وقف خلف كرسيها و إنحنى فوقها ، و لما دارت وجهها لتراه أدار وجهه حالاً صوب الموقد حيث وقف صامتاً و قد أدار ظهره لها ، تابعته السيدة لنتون بنظراتها و أطالت النظر إليه ثم خاطبتني في عبرات تدل على اليأس المرير و قالت :

(أوه ، أترين ، إنه لن يهدأ له بال حتى يبعدني عن القبر ، لقد أحبني ، لا بأس ،إنه ليس بهيثكليف الذي أحبه و مع ذلك فسوف أحبه و أدعوه ليرافقني ، إنه روحي ).

و مضت تقول:( إنني أود الفرار إلى ذلك العالم المجيد ،لأعيش هناك دائماً ، إنك تشفقين علي لأنني ضعيفة و هزيلة و لأنك ممتلئة صحة و عافية ، إن كل شيء سيتحول سريعاً و سأشفق عليكم ، سأتفوق عليكم جميعاً) و أخدت تحدث نفسها قائلة :(أعتقد أنه يتمنى أن يكون دائماً بجانبي .هيثكليف ، حبيبي !يجب ألا تحزن ، إقترب مني يا هيثكليف!)

و في حماسة نهضت عن كرسيها مستعينة بذراع المقعد ، و لبى هيثكليف دعوتها ، و كان اليأس يبدو واضحاً في تلك الساعة ،كانت عيناه دامعتان و صدره يخفق بشدة .وقفا ينظران إلى بعضهما البعض لحظة ثم إقتربا،و لا أدري كيف إقتربا ، و كل ما شاهدته ، إن كاثرن قفزت فتلقاها بين ذراعيه و ضمها إليه ضمَّة جعلتني أعتقد أنها لن تخلص من ذراعيه و هي على قيد الحياة و ألقى هيثكليف بنفسه على أقرب مقعد و لما إقتربت منه لأعرف إذا ما أغمي عليها قرض أسنانه من الغيظ ، و أرغي و أزبد ككلب مصروع ، و ضمها إلى صدره أكثر من ذي قبل . لقد شعرت حينئذ بأنني لست في صحبة مخلوق من طينتي و بدا لي أنه لم يعد يفهم حديثي فإبتعدت عنه و قد عقد لساني من الحيرة و الإضطراب .

تحركت كاثرن فإطمئن بالي قليلاً، و رفعت يدها لتمسك بجيدة و أمسكت وجنتاها بخده بينما أخد يقبلها قبلات جنونية في كل موضع من رأسها و قال :

(لقد لقنتني الآن يا كاثرن درساً أبان لي كم كنتِ قاسية -قاسية و خداعة .لمذا إحتقرتني ؟ و لمذا خدعت قلبك ؟ إنني لم أسمع منك كلمة واحدة تسعدني .إنك تستحقين هذا الألم ، لقد قتلت نفسك .نعم يمكن أن تقبليني و تبكي . لقد أحببتني -فبأي حق تهجريني ؟بأي حق ؟-أجيبي- هل أضلك الوهم الزائل الذي شعرت به نحو لنتون؟ إنه لم يكن بإستطاعة أي شيء في هذه الدنيا أن يفرق بيننا ،لا التعاسة ، و لا الشقاء، و لا الموت ، و لكنك بإرادتك وحدك فرقت بيننا .إنني لم أحطم قلبك -و لكن أنت التي حطمته بإرادتك وحدك ، و بتحطيمك له حطمتِ قلبي . إن قوتي مصدر تعاستي .هل تظنين أني أحب الحياة؟ ما الحياة التي سأحياها بعدُ ، أوه ،يا إلهي .

قالت كاثرن : ( اتركني وحدي ، اتركني وحدي ! إن كنت قد أخطأت فإني أموت من أجل ذلك . إن هذا يكفي ! لقد هَجرتني أنت أيضاً ، منذ معرفتك بقبولي لنتون زوجاً ، لقد تزوجت لأستطيع مدّ المال إليك ، لكنني لن ألومك ، إنني أسامحك ، سامحني !)

أجاب :( إنه من الصعب أن أسامحك و أنا أنظر لهاتين العينين ، و ألمس هاتين اليدين . قبليني مرة أخرى ، و لا تدعيني أنظر إلى عينيك! إني أسامحك ! إني أحب قاتلتي ).و ساد صمت طويل ، كان وجه كل واحد منهما يختفي في وجه الآخر و يبلل بالدموع رفيقه .

قلت لهما إن لنتون سيعود عما قريب ، فأرسل هيثكليف لعنة من فمه و ضم كاثرن إليه و قربها من جسمه أكثر من السابق إلا أنها لم تتحرك.

لم يمضي وقت طويل حتى رأيت لنتون قادماً ، قلت (لقد عاد ، بحق السماء اهبطْ إلى الطابق السفلي !أسرع و إختبئ بين الأشجار ).

قال هيثكليف و هو يحاول أن يتخلص من ذراعي رفيقته (يجب أن أذهب يا كاثي ، و إذا ما بقيت حياً فسأراك مرةً أخرى قبل أن تنامي .إنني لن أبتعد أكثر من خمس ياردات عن نافذة غرفتك ).

أجابت وهي تمسك به بكل ما فيها من عزم و قوة :(يجب ألا تذهب ، أقول لك ، لا تذهب ).

قال لها متوسلاً (سأغيب عنك ساعةً واحدة فقط ).

أجابت (ولا دقيقة واحدة).

قال :(إن لنتون قد عاد و يجب أن أتركك).

حاول أن ينهض و لكنها تعلقت به أكثر من ذي قبل و صاحت :(لا، لا تذهب .هذه آخر مرة أراك فيها !إن لنتون لن يؤذينا،هيثكليف إني سأموت ،سأموت!)

غاص هيثكليف في مقعده و صاح : ( لقد أقبل يا حبيبتي ، كاثرن ، حبيبتي ،سأبقى إلى جانبك ، فإذا ما أطرق الرصاص علي فسأموت عندئذ قرير العين ).

و ضمّا بعضهما مرّة أخرى .سمعت وقع أقدام سيدي يصعد السلم فتصبب العرق البارد على جبهتي من شدة الرعب و الفزع .شددت على يدي و أنا في حالة إضطراب شديد و صحت عندئذ بأعلى صوتي ،أسرع مستر لنتون نحو الغرفة حالما سمع صياحي .و بينما أنا مضطربة رأيت أن ذراعي كاثرن قد تدليا و مال رأسها إلى الأمام .فقلت في نفسي :(إنه ربما أغمي عليها أو ماتت و من الأفضل أن تكون قد ماتت حتى لا أتحمل وزر عملها).

قفز إدغار نحو ضيفه الدخيل و تميز غيضاً .و لم أكن أعلم ما كان ينوي صنعه . إلا أن هيثكليف منعه من أن يفعل شيئاً ، إذ أفلت كاثرن التي كانت لا حياة فيها بين ذراعيه و قال :(أنظر إليها !أنظر !أسعفها أولاً ثم كلمني !).

غادر هيثكليف الغرفة نحو غرفة الجلوس .و طلب مني مستر لنتون أن أتقدم نحوه و بصعوبة كبيرة إستطعنا أن نعيدها إلى وعيها ، و لكنها كانت كثيرة الإضطراب ،حائرة لا تدري مذا يدور حولها ، و تتأوه ، و ترسل أنيناً خافتاً .نسي ادغار من قلقه عليها هيثكليف إلا أنني لم أنسه .ذهبت إليه و رجوته أن يغادر البيت ،و أكدت له أن كاثرن أحسن حالاً من ذي قبل و قلت له أني سأبلغه في الصباح كيف قضت ليلتها .

أجاب :(سأخرج من البيت و لكنني لن أغادر الحديقة و أستحلفك أن تخبريني في الصباح عن أحوالها .سأنتظرك تحت تلك الشجيرات .إياك و أن تخنثي بالعهد ، فإني سأدخل البيت سواء كان لنتون داخله أو لم يكن).

و ألقى نظرة سريعة من خلال باب الغرفة ،و لما تأكد أن ما أقوله يبدو صحيحاً غاذر البيت و تخلصنا منه و من سوء طالعه .

في الساعة الثانية عشر من تلك الليلة ، أنجبت كاثرن إبنتها في الشهر السابع من الحمل دون أن تكمل الشهور الحمل التسعة . و بعد ساعتين من ولادت الطفلة صعدت روح الوالدة إلى الباري تعالى ، مسكينة تلك المولودة الجديدة ، لم يعبئ بقدومها أحد ، و ظلت الساعات الأولى لولادتها تبكي بإستمرار دون أن يلتفت إليها إنسان .

و طلع صباح اليوم التالي ، و كان يوماً مشمساً نضراً و بهيجاً ، و تسلل الصبح برقة و حذر من بين نوافذ الغرفة إلى السرير و ألقى بهاءه على ادغار لنتون و الجثة التي كانت إلى جانبه .كان ادغار قد اضجع رأسه على الوسادة و أغمض عينيه ، فبدت ملامح وجهه الجميلة كملامح وجه الجثة التي إلى جانبه ، ميتة ،لا حراك فيها ،و لكن موت ملامحه كان يدل على السكوت الناجم عن الألم المضيض و موت ملامحها كان يدل على السلام الحقيقي .كانت جبهتها ملساء ناعمة ، و جفناها مغلقين ،و شفتاها ترتسم عليهما إبتسامة -و لا يمكن لأي ملاك أن يبدو كما تبدّت . و لا أذكر أنني شعرت بقدسية في حياتي أكثر مما شعرت بها عندما تطلعت إلى ذلك الهدوء اللانهائي الذي كان يغمر الراحلة .ووجدت نفسي أردد الكلمات التي نطقتُ بها قبل وفاتها ببضع ساعات :(إنها فوقنا جميعاً . سواء كانت لا تزال على الأرض أو أنها الآن في السماء فإن روحها خالدة مع الله ).

إني لا أعرف سرّ السعادة التي تغمرني و أنا في غرفة الموت . و إني أرى في جلال الموت راحةً لا تستطيع السماء أن تزيلها ، و أشعر بالأمان اللانهائي في عالم الخلود ، حيث الحياة لا تحدد بزمن ، و ليس للسعادة نهاية .

كان هيثكليف يقف في الحديقة على مسافة بضع ياردات من المنزل ، متكئاً على غصن شجرةٍ كبيرة و ممسكاً قبعته بيده ،و قد تبلل شعره بقطرات الندى التي كانت قد تجمعت على الأغصان أثناء الليل ، و قد إتضح لي أنه كان يقف ثابتاً في مكانه منذ وقت طويل لأنني رأيت العصافير تروح و تجيء بالقرب من قدميه وهي منهمكة في بناء عش لها .وقد طارت عندما تقدمت ، فرفع هيثكليف عينيه و قال لي : (لقد ماتت !إنني لم أنتظر سماع النبأ منك .إرفعي منديلك ، لا تنتحبي في محضري .لعنكم الله جميعاً !إنها ليست بحاجة إلى دموعكم !)سألني و هو يهرء بي :(هل ماتت كما يموت الملاك ؟هيا أعطني صورة عما جرى .كيف-)

حاول أن ينطق بالإسم ، و لكنه لم يستطع ... ثم قال بعد فترة صمت قصيرة :و كيف ماتت ؟ و لا حظت أنه يرجف من رأس إلى أخمص قدميه . و قلت مخاطبة نفسي :( مسكين ، ما أشقاك ، إن لك قلباً و أعصاباً كسائر الرجال !لمذا تحاول إخفاء مشاعرك و مخاوفك ؟إنك لا تستطيع أن تخفي كبريائك عن الباري تعالى !لقد تحديت الله حتى أرغمك على الخضوع له ).

ثم أجبت هيثكليف بصوت عالٍ :( لقد ماتت بهدوء !تأوهت ،ثم تراخت ، ثم غرقت في سبات عميق ، و بعد مضي خمس دقائق نبض قلبها النبضة الأخيرة ).

سألني متردداً كأنهُ كان يخشى أن يتضمن الجواب تفاصيل لا قلب له على تحملها :(وهل ذكرتني قبل موتها؟).

أجبت :(إنها لم تسترد شعورها و لم تستطع معرفة من هم حولها منذ أن تركتها .كانت مستلقية في السرير ترتسم على محياها ابتسامة عذبة ، و كان آخر ما جال في مخيلتها أيام طفولة حلوة . لقد إنتهت حياتها في حلم جميل -و أسئل الله أن تستيقظ في العالم الآخر على النحو الذي ماتت فيه!)

صاح وهو يضرب بقدمه الأرض و يئن أنيناً محزننا :( أرجوك أن تستيقظي بالعذاب ! لمذا كذبت علي حتى النهاية !أين هي الآن ؟إنها ليست هناك ،و لا في السماء -أين إذن ؟ هل قلت إنها لم تبال بآلامي؟ إنني أدعو الله دعوة واحدةً صادقة و سأكررها حتى يجف لساني ،وهي ألا يذيقك الله يا كاثرن أرنشو طعم الراحة طول ما ظللت أنا على قيد الحياة ! لقد قلتي إنني قتلتك -فاسرحيني اذن !إنني أعتقد أن القتلى يسرحون قتلاهم .إبقى معي دائماً -إتخدي شكل تريدينه -خذي عقلي ! و لكن لا تتركيني وحدي في حيرة و مهمة قفر ، أبحث عنك فلا أستطيع العثور عليك . يا إلهي !إن هذا شيء لا يحتمل !إنني لا أستطيع العيش بدون حياتي !إنني لا أستطيع بلا روحي !)

و ضرب برأسه جذع الشجرة ، و صرخ بصوتٍ عالٍ أشبه بصوت وحش مفترس قد طعن بالحرابِ و المدى .فلاحظت بعد ذلك عدة نقاط من الدم عالقةً بالجذع ، و أن يده و جبهته قد تلطختى بالدم أيضاً ، و أعتقد أن هذا المنظر كان إعادة لمشاهد أخرى وقعت خلال الليل .

لقد أفزعني ذلك المشهد و مع هذا فلم أكن راغبة في تركه وحيداً . و عندما إستجمع قواه العقلية و أبصر بي ،قال لي بصوتٍ كالرعد أن أغرب عن وجهه فامتثلت ، إذ كنت أعتقد أنه ليس في مقدوري أن أواسيه في مصابه .

حدد يوم الجمعة الذي تلا وفاة السيدة لنتون ، يوم تشييع جثمانها إلى دار الآخرة ، و قد ظلت في تابوت مفتوح نثرت عليه الزهور و أوراق الريحان .

مشاركة من Noufel Bouchareb ، من كتاب

مرتفعات ويذرنغ

هذا الاقتباس من رواية