سوناتا لأشباح القدس > اقتباسات من رواية سوناتا لأشباح القدس > اقتباس

تركت الهدهدات تأخذها بعيدا عند حواف مدينتها الأولى التي لم تنس أي تفصيل فيها: الممرات الصغيرة الموصلة إلى البوابات أو الطرقات الواسعة، القلاع العالية والقديمة جدا، معبر المغاربة، صوت المؤذن المليء بحنين الفقدان وهي لا تعرف لماذا كلما سمعته وسمعت القرآن استحضرت الموت، لون التراب وأشكال الزرابي التي كانت أمها تنمق بها الحيطان، أو تلك التي رأتها في مقام المغيث سيدي بومدين، بجانب حائط البراق، التي تعبق بالحياة على الرغم من صغرها ورائحة مستخلصات العطور الطيبة الحادة العالقة بها. كانت مرصعة بالنباتات والغزلان الهاربة؛ ومياه الجنينة والصوت الذي يخلفه انكسار الماء الذي يصعد عاليا من النافورة قبل أن ينزل منتظما ثم ممزقا نحو الأرضية؛ وألوان النوار والورود وعطرها الذي تعرفه واحدا واحدا؛ حتى الروائح المتشابكة التي تخرج من البيوتات في حارة المغاربة والتي لا تنسى مطلقا عاداتها يوم الجمعة، إذ لا يشم المارون من هناك إلا الروائح الحادة للبهارات التي تنكه الأكلات وتغني مذاقها.

مشاركة من sihem cherrad ، من كتاب

سوناتا لأشباح القدس

هذا الاقتباس من رواية