سوناتا لأشباح القدس > اقتباسات من رواية سوناتا لأشباح القدس > اقتباس

ادفن بعض رمادي بالقرب منك لكي تتذكرني وأشعر بدفئك وحنانك، فأنت حائطي الأخير الذي يمكنني أن أتكئ عليه لكي أطرد برودة القبر... كل الذين أحبهم ذهبوا أو انفصلوا ولم تبق في نهاية المطاف إلا أنت. ادفن بعض رمادي حيث تشاء، لم يعد لي أهل هناك. وحتى لو عدت إلى فلسطين، سأضطر إلى قطع كل المعابر كأية غريبة على الديار. يوميا لا أفعل إلا قراءة مسالك الذين عادوا إلى تلك الأرض. كل واحد يحكي آلامه التي لا يعرف وقعها إلا هو. ثم... من يتذكر تلك الطفلة المهبولة، المجنونة على الألوان، التي كانت تركض وراء الفراشات لرسم أحلامها الغريبة وسرقة ألوانها؟ من يعرف تلك الصبية التي اشتاقت أن تجلس في حجر والدها وتداعب شعره كما يفعل جميع الأطفال، وعندما كبرت استحت أن تفعل ذلك لأن والدها بدا لها غريبا؟ من هي تلك الطفلة الصغيرة ذات الضفيرتين والشرائط الملونة التي لم تر غريبا في يدق دارها أبدا إلا عندما رأت عسكر الإنجليز وهم يحاصرن بيتهم المقدسي عندما جاؤوا يفتشون عن والدها؟ كانت وجوههم حمراء وأحذيتهم ثقيلة وأيدهم ناعمة كأيدي الصبايا. من يعير انتباها لتلك الشقية الصغيرة التي أصبحت الابنة الشرعية للحزن والخوف؟ لا أحد. لا أحد يعرفها.

مشاركة من sihem cherrad ، من كتاب

سوناتا لأشباح القدس

هذا الاقتباس من رواية