جدد حياتك > اقتباسات من كتاب جدد حياتك > اقتباس

<< إن لذائذ الماضى تفنى مع أمس الذاهب، ما يستطيع أحد إمساك بعضها. والغد فى ضمير الغيب يستوى السادة والصعاليك، فى ترقبه. فلم يبق إلا اليوم الذى يعيش العقلاء فى حدوده وحدها. وفى نطاق اليوم يتحول إلى ملك من يملك نفسه ويبصر قصده. فما وجه الهوان؟، وما مكان التفاوت؟!. * * * على أن العيش فى حدود اليوم لا يعنى تجاهل المستقبل، أو ترك الإعداد له، فإن اهتمام المرء بغده وتفكيره فيه حصافة وعقل . وهناك فارق بين الاهتمام بالمستقبل والاغتمام به، بين الاستعداد له والاستغراق فيه، بين التيقظ فى استغلال اليوم الحاضر وبين التوجس المربك المحير مما قد يفد به الغد . إن الدين فى حظره للإسراف وحبه للاقتصاد إنما يؤمن الإنسان على مستقبله، بالأخذ من صحته لمرضه، ومن شبابه لهرمه، ومن سلمه لحربه. كان سفيان الثورى من كبار التابعين، وكانت له ثروة حسنة، وكان يشير إليها ويقول لولده : لولا هذه لتمندل بنا هؤلاء ـ يقصد بنى أمية ـ . يعنى أن غناه حماه من حكام زمنه، فلم يحتج إلى مداهنتهم أو تملقهم . والواقع أن ذلك مسلك يعين على بلوغه إحسان العيش فى حدود اليوم، فإن الحاضر المكين أساس جيد لمستقبل ناجح، ومن ثم يجب نبذ القلق . قال الشاعر: سهرت أعين ونامت عيون فى شؤون تكون أو لا تكون إن ربا كفاك بالأمس ما كان سيكفيك فى غد ما يكون أتدرى كيف يسرق عمر المرء منه؟ يذهل عن يومه فى ارتقاب غده، ولا يزال كذلك حتى ينقضى أجله، ويده صفر من أى خير >> ص 20 .

مشاركة من محمد يسين لهلالي ، من كتاب

جدد حياتك

هذا الاقتباس من كتاب