أما رغدة، فيلسوفة الطيبة، والضحك، والتي مع الوقت، العشرة، العطاء، أحبَّت زوجها؛ لأن مَن عاشره، ربما.. ربما أحبَّه. لكنها ظُلمتْ، لا تعرف أي شيء عن العالم من حولها. لا تعرف المدن والعواصم والأنظمة والحكايات والشخصيات إلَّا من خلال شاشة التلفزيون الكاذبة، العاطلة من الأساس في كثير من الأوقات، حتى شاشة التلفزيون كانت بايظة، ورغدة راضية. رغدة لا تعرف سوى التنظيف والطبخ والدعاء لإله غير مبال.
التابع وسليمان : عن الحب والجسد والمنفى > اقتباسات من رواية التابع وسليمان : عن الحب والجسد والمنفى
اقتباسات من رواية التابع وسليمان : عن الحب والجسد والمنفى
اقتباسات ومقتطفات من رواية التابع وسليمان : عن الحب والجسد والمنفى أضافها القرّاء على أبجد. استمتع بقراءتها أو أضف اقتباسك المفضّل من الرواية.
التابع وسليمان : عن الحب والجسد والمنفى
اقتباسات
-
مشاركة من Asmaa Ramadan
-
لكن لماذا لم أُحبها؟ شيء غريب، أو ربما، أحيانًا، أحببتها نصف حبٍّ، أو حبًّا ونصفًا. حقيقةً لا أعرف، ولن أعترف، أو مع كل الأسف اعترفتُ.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
كان اسمه حجّاجًا، وهو صديق قديم لوالدي، ووالدي مَن أحضره للعمل في المعرض، لكنه لم يصنْ هذا؛ كان خبيثًا، يسرق، ويشعل الخلافات، هذا من وجهة نظر والدي كما كان يسرد لنا. لكن هذه المرة لم يُفوت الحزن والدي دون أن يُصيبه بمرض موَّت الدم في جسده. دفنَّاه. في جنازته مشى كثير من خلق الله، كان المشهد عظيمًا. العُقبى لـي عن قريب. جنازة في بلدٍ غير بلدي، لا يمشي فيها أحد.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
بعد خروجي من السجن ظننتُ، بعض الوقت، أن سجني هو الـمُتسبب في جلطته. كما أصرّت حبيبة، بعض الوقت، على تركيب هذا الظن في بالي، ليس لتَحميلي ذنبًا لم أرتَكبه، بل لإقناعي بالابتعاد تمامًا عن السياسة.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
«يا ابني، يا حبيبي، كيف حالك؟ وأنت بعيد. طردتك البلاد، لا تحزن، أنا مثلك عشتُ خارجها، تابعًا، مغتربًا، وحين عدتُ، أصبحتُ أكثر فقرًا، واختباءً. لكن أخبرني، كيف حال الفقر معك؟ طمِّنِّي، هل تخلصتَ منه؟ أم فشلتَ مثلي؟ أعرف أنك تحب القراءة والكتابة. رأيتُك تكتب قبل موتي. على الأقل ضمنتُ أنك هربتَ من الطابور، من الجهل، لم تدهسك عربة الكارو! دهستك عربات أُخرى، عربات السُّلطة والسجن والمنفى. المهم أنتَ تدرك أنني أحبك، وأدرك أنك تحبني، رأيتُ هذا منك، في كواليس كثيرة، أو على الأقل، كنتَ تحب ظهري الذي عاش ومات محنيًّا، بسبب الفقر والمرض».
مشاركة من Asmaa Ramadan -
ذات نهارٍ، مرَّ دون تعذيب، أي نهار أُغلقت فيه أقسام الشرطة في مصر. كنتُ صفًّا رابعًا، حين اجتمع حولي هؤلاء الرجال، وكشفوا عن حمامتي. فتحوا سوستة بنطالي، وأخرجوا زبِّي الصغير، وقتها، ورأوه. هذا ما حدث فقط، وانتهى الأمر. «بابا، بابا»، كنتُ أصرخ، أبكي وأنادي، وهم يضحكون، بعدها أمسح دموعي. «أنتم أولاد وسخة»، أسبُّهم في تردد، وأتأكد أنَّ عدَّة ذكورتي اختبأتْ مرةً أُخرى. لم أقبلْ هذا الفعل الوسخ.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
بعدها أبكي، إلى أن يحتضنني والدي لتخفيف الألم وإسكات البكاء. في ابتسامة يعرض عليَّ «تشرب عصير قصب أم تفاح؟» أختار، أشرب، ويزول الألم. وفي أوقات، ربما كثيرة جدًّا، كان يشتري العصير بآخر جنيه في جيبه.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
كان ينوي تسميتي صدامًا. أيامها كان عائدًا من حصار العراق التي كانت لتوّها أُخرجتْ من احتلالها للكويت. لكن قبل ولادتي، مات ابن عمّتي صغيرًا، إذن المولود القادم يُسمَّى على اسمه. هكذا يُسمَّى التابعون، على أسماء موتى تابعين آخرين. هكذا موت ابن عمّتي أنقذ اسمي، أو للحقيقة، مشهد الفأر المعفِّن الذي مسكه، ومات، كما تقول الأسطورة هو مَن أنقذني. أيها الفأر المعفّن، أنا ممتنٌّ لك.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
فلا أنسى أبدًا مرات ومرات لا تُعد، حين كانت أمي تنزل، بوجه مُحرج، تُقدم قدمًا وتُؤخر أُخرى، في صباحات قبل الذهاب إلى المدرسة، لتُخبط على باب جارتنا، كي تستلفَ منها 10 أو 20 جنيهًا، ثم تطلع، بوجه تحاول ملامحه نسيان الحرج، وتعطينا ما استلفته، لنشتري ساندويتشات الفطور، حتى لا نذهب للدراسة على لحم بطون فارغة؛ لأنه في أوقات كثيرة، كان بيتنا إن نفضتَهُ أرضًا لن ينزل مليمًا واحدًا.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
في أيامه الأخيرة، كثيرًا ما طبطب محمد على كتفها، وقبَّل جبينها. ربما كانت قبلات الوداع، الصدق، كما قبلات الرجاء، العفو، نسيان الذكريات السيئة، ضرب أو سب أخافها منه. في الصباحات والأماسي المعتادة، كثيرًا شهدتُ هذا. كنتُ صغيرًا أراه يسبّ، فازًّا ينوي الضرب. «يلعن دين أمكِ»، لأسباب تافهة، أو كعادة فقر الحال، نقص الأموال، كان يسبّها، يُهينها، بينما كانت أمي تجري، وعليها تغلق أي بابٍ من الغرفتَين اليتيمتَين في بيتنا، وبعد مُضيِّ وقت بسيط، يُفرَجُ الأمر. والدي كان يهيج فجأةً كما يهدأ، إنسان بمزاج بحر.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
دائمًا كان والدي يحبُّ أن نحمله، وأن نكون معه، ولا نغيب عن مدار عينه لحظة. كان يلعب معنا، يمثل ويتظاهر بالتعب، من أجل ونسه بنا، وكأنه يقول في نفسه: «عشتُ طيلة حياتي تابعًا مهمشًا، أريد في آخر أيام حياتي أن يُنظر إليَّ». ساعتها ظننتُ أنّه يتظاهر، كنتُ جحودًا، مخُطئًا، ولا أزالُ، مَن منَّا ملاك؟! بعدها خرجتُ من البيت إلى القهوة، كعادتي، قابلتُ أصدقائي الهاربين مثلي من السجن والفقر.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
وكل هذا لم يحدث. هكذا أتمشى مع صديق من خيالي الوحيد، البائس. أُحب امرأة من خيالي النرجسي المضطرب.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
فكرتُ، بعد نشر هذه الثرثرة بشهرٍ واحد، أن أشتري حزامًا ناسفًا، لغمًا، وعلى مؤخرتي أربطه، أزرعه داخل خرم الشرج. أو لا قبل النشر، هذا سيزيد من بيعها: «صاحب الرواية، فجَّر طيزه، بعد كتابتها». على غلاف الرواية، تكتب دار النشر. فكرة خبيثة جاذبة للقارئ. هذا هو مشهد موتي.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
لم أذكرْ ملامح النساء في هذه الجلسة. تذكرتُ، لسنَّ مُغريات، ولم تكن أي واحدة فيهنَّ تلبس قميصًا مفتوحًا، هذا هو السبب.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
ليليان جارة صديقنا عبد الرحمن اللبنانية. معها لبناني آخر يُدعى محمدًا، يُقال إنه أناركي، أي فوضوي، على الرغم من أنه كان، بشكل عاديّ، يضع قميصه داخل بنطاله، كأي موظف مُدجَّن.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
يا أولاد سليمان، يا ضباط القحبة، مضتْ كل هذه السنوات، ولم تملُّوا من ضربنا، نحن الصراصير، أولادكم غير الشرعيين، أولاد زناكم مع السُّلطة.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
سُليمان وآباؤه من قبله، أخرسوهم، هددوهم بالقتل، السجن والإخفاء. جعلوا منهم مسوخًا، صراصير، لا تعرف أهي جبانة أم شجاعة، لماذا تعيش، ولماذا تُداس، تُضرب،
مشاركة من Asmaa Ramadan -
كانت امرأة ثلاثينية جريئة، عيناها بنّيتان حادّتان، قماش حريري أسود يغطي بياض جسدها، خصلات كستنائية طويلة تمردت على حجابها. وعلى الخط الفاصل بين نهدَيها، خصلة طويلة تسلك طريقها مفروشة. الطريق إلى القُدس يبدأ من نهدَيها.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
مَن أنا؟ حيوان. مَنفيّ. ميِّت. مجنون. أسودُ. شيطان، وسجين. تركتُ قصصًا لم أكتبْها، ونسيتُ وجوهًا لم أذكرْها، منها وجهي، نسيتُه وحيدًا داخل الزنزانة.
مشاركة من Asmaa Ramadan -
يومها، لم يدافع الله عن نفْسه، وبعدها سلَّط عليه بعضًا من خلقه لقتله. هذا حدث، لكن هي إرادة الإنسان. أفعال تامر والقتلة، لا السكين والله. الله يسامح، يعاقب، ويسأل: «لماذا سببتني يا تامر؟»، ويجاوبه: «سامحني، أنت تعرف الإرادة والإجابة، تعرفني وتعرفهم». تتساقط الدماء من جسده، واقفًا، بجوار الشيطان وأخته التي اغتصبها، وقتلها، ثم يختم إجابته بسؤال: «يا ألله، لماذا قتلتني؟ دُنيتك عابثة وظالمة».
مشاركة من Asmaa Ramadan