مجموعة قصصية بعنوان "ذات السيارة الحمراء" – تأليف: سلوى السيد
اخترت هذا الكتاب ليكون رفيقي في رحلة القراءة؛ دعمًا مني للمؤلفين الجدد، وبكل صراحة، تعد هذه المجموعة أولى قراءاتي للأستاذة سلوى السيد.
أحب أن أُعرف دائمًا بكوني داعمة للأقلام الشابة، خاصة في الوسط الأدبي.
بدأتُ في قراءة هذه المجموعة القصصية بروية، إذ تتطلب تركيزًا وبيئة هادئة بعيدة عن التشتت، لا سيما وأن عدد صفحاتها قليل، مما جعلها خيارًا مناسبًا لقراءة سريعة وعميقة في آنٍ معًا.
قصة "عنقود الأحلام"
حملت هذه القصة طيفًا شفافًا من الأحلام، رسمته الكاتبة بريشةٍ شديدة الحساسية. أفكار البطلة تنأى عن الآخرين، تبحث عن طريق يعيد لها أحلامها التي تراوحت بين الواقع والخيال، وتفتّش عن سبب يجعلها تعيش في واقعها البائس.
هذه القصة كانت الأقرب إلى قلبي، بلغتها الفصحى الشاعرية، وكأنها قصيدة حالمة، يهمس فيها البحر بأحلامها أثناء رحلة بحثها عن ذاتها، لكنها لم تجد طريقة للعيش سوى بإعادة تشكيل تلك الأحلام وجمع شتاتها من جديد.
قصة "متى سيأتي أحدهم؟"
رغم تأثري بالموضوع الإنساني العميق حول إهمال الأبناء لآبائهم، فإن الإطالة في الحوار جاءت على حساب السرد القصصي.
تدور القصة حول الانتظار والخذلان، وتكشف عن تقصير الأبناء، حتى بعد أن لم يتبقَ من الأهل أحد. نهايتها كانت قاسية، مؤلمة، وتلامس القلب بمرارة الحقيقة.
قصة "بستان"
من أجمل القصص، حيث يتجسد فيها الخوف من النسيان، مهما استمرت الحكايات. البطلة تحكي لعائلتها، لا تنسى، لكنها تتوقف حين تذبل الذاكرة ويخبو شغف الحكي. حتى حين يغيب أفراد العائلة، تظل الذكريات تبوح بخوفها من الهشاشة والصراع الداخلي.
قصة "حبّة لُبّ"
قصة غريبة مرعبة، أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع. تمتاز بأصوات مزعجة، وأجواء نفسية مشحونة، تنفصل عن المنطق وتتلاعب بخطوط الرعب والغموض باحتراف.
قصة "حتى الأمس، السماء"
قصة مؤثرة، تنسج بخيوط الذكريات والخيال حوارًا حنونًا بين الأب والابن. السحب، الضحكات، والسماء كانت خلفيةً خيالية تروي الحكايات بعينٍ بصرية حساسة، تُشعل الشغف بالقراءة وتدفق الحلم في الهواء مباشرة.
قصة "ذلك اليوم"
قصة مرعبة، مشوقة، ومختلفة تمامًا عن بقية القصص. تناولت اللحظات الأخيرة والمخاوف الأرضية بطريقة جعلتني أشعر بالخوف والقلق. لا يمكنني الكشف عن الأحداث، لكن القصة شدتني من أول سطر حتى النهاية، خرجت عن المألوف، وصدمتني بتميزها.
قصة "شمعة"
قصة مختلفة، عميقة الإحساس، تحاكي مشاعر الوحدة، الألم، والخذلان. مست القلب بطريقة لا تُنسى. البطلة كشمعة داخل قالب كيك تبحث عن دفء، أمل، ورفيق يبدد وحدتها في عالم خالٍ من العائلة، الأصدقاء، والحب.
قصة "هاتِ يدك"
قصة مميزة دافئة، تبحث فيها البطلة عن أمانٍ وحبٍ حقيقي. احتاجت فقط لمسة يدٍ حانية، حضنًا دافئًا يترك بصمة على روحها، ويمنحها الأمان لطفلها القادم. القصة نُسجت بإيقاع حساس ومشاعر صادقة عميقة.
قصة "وكأنه إنسان"
قصة رائعة، تتناول مفهوم الإنسانية بعمق، في مجتمع تغلب عليه القسوة والأنانية. بطل القصة يتمسك بالنقاء والنية الصادقة في زمنٍ يعج بالذئاب البشرية. بعد فقدان الابن ووالده الذي، لم يستطع التكيّف مع فظاظة الحياة، وظل يبكي بحرقة على ما خسره، في تجسيد صادق للألم والاكتئاب.
قصة "أنغام بلا صوت"
قصة شديدة الرقة، مع عشق البيانو رغم الرحيل والألم. تكشف عن الألم المتزايد، الغضب الداخلي، والرغبة في استمرار العزف لتحقيق الأحلام. قصة صادقة، بليغة الحس، تنبض بإيقاع موسيقي داخلي.
الخاتمة
تنهي سلوى السيد مجموعتها القصصية "ذات السيارة الحمراء" بأسلوبٍ ناعمٍ وحسٍ شاعري، آخذةً القارئ في رحلة بين الخيال والواقع، الألم والأمل، الحلم والحنين.
صفّقت لها وأنا أطوي الصفحة الأخيرة، إذ أحسّت بنا وأحسسنا بها، وعبّرت عن المشاعر الإنسانية بلغة عذبة كبياض الغيم، بطابعٍ اجتماعيّ ممزوج بنوستالجيا خالصة