"بعد خمس دقائق بدأت زمجرة مدفعية الميدان، وانقضّت داناتها على حصون خط برليف مزلزلة إياها، وازدحم الطريق عن يسارنا من تسابق وحدات المشاة والمهندسين مزودين بالتجهيزات الأولية للعبور من عربات برمائية، ووحدات كباري محملة على عربات…"
- سرية الشهداء لمحمد عودة 🇪🇬
حملني هذا العمل إلى سنين بعيدة، فوجدتني في حضرة أبي رحمه الله، مؤتنسًا بصحبته في شرفة منزلنا بحي الروضة، مصغيًا إلى حكاياته عن حرب أكتوبر، ما سبقها من انتكاس، وما صاحبها من فداء، وما تبعها من عِزّة، ويبدو أن خزان البطولات لا ينتهي، ونبع الحكايات لا يجف، وهو الشعور الذي لازمني أثناء قراءة هذه المذكرات.
كان محمد عودة عضوًا في السرية الأولى من الفوج ٦٣ دفاع مدني في شمال الدفرسوار، وكان الناجي الوحيد من السرية التي استشهد أفرادها جميعًا، قبل أن يقع في الأسر ويتم التحقيق معه من قِبل استخبارات العدو ثم إطلاق سراحه في إطار تبادل الأسرى. يحكي البطل عن مشاهد نادرة أثناء حرب الاستنزاف، كما يستحضر وقائع أحسبها كنزًا حقيقيًا لفهم دور السلاح المعنوي في الحشد وفي الحسم.
ولعل أكثر ما فاجأني في المذكرات هي التفاصيل التي أوردها عودة عن الهجوم المضاد الذي حاول العدو تطويره عقب العبور والمناورات التي لجأ إليها بدعم أمريكي لفتح ثغرة في حائط الدفاع المصري، وكيفية تصدي مصر للهجوم في حدود القدرات المتاحة.
كم بطل وكم شهيد رحل دون أن نعرف قصته أو نصغي إليه كي نفقه دروس الماضي من أجل مستقبل أكثر أمنًا لوطننا المستهدف؟ كيف اطمأن الناس لحياتهم وللسلام الذي لم يعد سلامًا وتناسوا أن أعين العدو الجبان لا تنام؟
#Camel_bookreviews

















