قدرة الرواية على استيعاب الفنون الأخرى بداخلها ليست السبب الوحيد الذي يجعلها في رسوخ الخبز؛ بل الأهم قدرتها على استئناس الزمن وإبطال مفعوله بمغالطته، وهذا ما جعلها تتفوق على الشعر وترث الملحمة، مع فارق بسيط بين الرواية والملحمة في علاقة كل منهما بالزمن تعرف الرواية أن الزمن لا يُقهر، لهذا لا تحاول أن تعانده أو ترفض حكمه، كما فعل أبطال الملاحم دون جدوى، بل تسايره، وتحاول الاختباء فيه عبر الالتفاف في مسارات متشعبة أو دائرية تجعله يبدو بلا نهاية.
الطاهي يقتل والكاتب ينتحر
نبذة عن الكتاب
لا تكفي المهارة وحدها لكتابة رواية أو طهو طبق جيد، لابد من النار؛ ولو لهب شمعة في قلب الكاتب والطاهي. في هذا الكتاب يضع عزت القمحاوي شغفه بالكتابة والطهو. يعتقد أنهما توأم، وكانا في البدء عملًا أنثويًّا، لهذا يظل الكاتب الرجل بحاجة إلى تأنيث روحه؛ إلى تعلم التواضع والصبر والحيلة عبر الطبخ. يتأمل القمحاوي مهارات البناء في الطبق والكتاب، ويقارن نتائج «العجن واللت» في المخبوز والمكتوب. ويحاول كشف الغش الذي يمارسه بعض الكُتَّاب والطهاة بتصعيد الدسم والملح والحار. ويحتفي بأعمال المهرة من الأدباء: نجيب محفوظ، مارسيل پروست وبورخيس. ومن الطهاة: إميريل لاجاسي، جيمي أوليفر، ونادية حسين. ويعود دائمًا إلى مطبخ العظمة «ألف ليلة وليلة».عن الطبعة
- نشر سنة 2023
- 272 صفحة
- ISBN 13 9789777953986
- الدار المصرية اللبنانية
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من كتاب الطاهي يقتل والكاتب ينتحر
مشاركة من إبراهيم عادل
اقتباس جديد كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Mohamed Khaled Sharif
يدعوك "عزت القمحاوي" في كتابه الأحدث "الطاهي يقتل الكاتب ينتحر" إلى مائدته، لنتناول وجبة دسمة ولا تسبب تُخمة في نفس الوقت، ولأول مرة ستكون الوجبة شاملة للمعدة، وللعقل أيضاً. يتحدث بذكاء وبملاحظات شديدة الخصوصية عن الرابط بين الطعام والكتابة، وما هي أوجه الشبه بينهما، وتأثير كلاً منهما على الإنسان بشكل عام، فغالباً ما يبدأ الفصل بحكاية عن الطعام ثم يستمر السرد ليرتبط بحكاية عن الرواية والأدب، والعكس، فتتعجب من شدة ذكاء الكاتب في الربط بين المواضيع، ومن القدرة التي يطبخ به الكاتب حكاياته، وإمتلاكه لكل مكونات الحكي، وذاكرته الأدبية الواسعة، والدقيقة، والتي تشمل أعمال قديمة وحديثة، لكتاب عرب كنجيب محفوظ وأجانب كمارسيل بروست، ومن الواضح والجلي التأثر الشديد بحكايات ألف ليلة وليلة التي كانت الطبق الرئيسي للكتاب، كان الكاتب يغرف منها بلا كلل، ومهما التهمت منها لن تشعر بتخمة الشبع، ستظل دائماً جائعاً وعطشاناً للمزيد من الحكايات الغريبة والعجيبة، لتسأل نفسك سؤالاً بديهياً: لماذا لم أقرأ ألف ليلة وليلة حتى الآن؟ وستجد لنفسك تعليلات كثيرة مثل أن الطبعات مختلفة ومنها الزائد ومنها الناقص والمختلف، ولكن كل تلك الحجج لن تصمد كثيراً بتوالي الحكايات التي يسردها الكاتب.
وفي أثناء جلوسك لهذه المائدة العامرة بالأطعمة والحكايات توازياً، وكاتب يُجيد تسوية موضوعاته، وطبخها على نار هادئة أو عالية حسب الحاجة، ستجد بعض المواضيع التي تجعلك في حاجة إلى ماء لكي تبلع بعض الأطعمة/ الحكايات، التي ستسبب غصة في حلقك، مثل نقد أعمال هاروكي موراكامي وزافون ودان براون وباولو كويلو وتشبيهها بأعمال الأطعمة السريعة الحديثة لأنها -في رأي الكاتب- فقط تسد رمق الجوع للقارئ ولكنها لا تُفيده ولا تغذيه، فحينها ستشعر أن كوباً واحداً من الماء لا يكفي وتحتاج إلى لترات من الماء، ثم تحمد الله أنه كان فصلاً واحداُ من يتحدث عن ذلك، وفي نفس الوقت تشعر بتقدير لأن الكاتب لا يُحابي ولا يُزيف آراءه، ثم ننهي هذه الوجبة بسرعة، في انتظار وجبة أخرى بعيدة تماماً عن ما يُسبب أي غصة.
ختاماً..
هذا العمل السادس الذي أقرأه لـ"عزت القمحاوي" بين الرواية والمقالات والرسائل والكتب التي بلا ضفاف أدبي يجمعها، وأثنيت مراراً وتكراراً على ملكة الحكي التي يحظى بها، وسرده الجميل والهادئ، وفي هذا الكتاب تشعر أنك بدعوة لتأكل معه وجبات متتالية بلا شبع، وحكايات تروي ظمأك ونهمك، وبكل تأكيد كتاب بعد آخر يزيد مقداره لدي كأحد كُتابي المُفضلين.