اقتباسات من كتاب الكتابة وقوفاً: تأملات في فن الرواية

الفلسفة قد خذلت الإنسان مرتين، مرة بعجزها عن الإجابة عن أسئلته، ومرة بنسيانها لحياته اليومية، إذ أنها تنظر إلى فوق باستمرار.

أننا نستطيع عبور أزمة اليأس والإهمال، ليس بنسيان اليأس، بل بتشخيص مصدره

باللغة تخرج من شرفة الذات لترى العالم. إنك: «ترى بواسطة اللغة» ولغتك هي مثول في صميم العالم.

حين (نروي) لبعضنا، سنتذكر أننا على قيد الحياة، فهل بإمكانك أن تروي للآخرين عني؟ قل لهم إنني ما زلت حياً، حدثهم عني كي لا ينساني أحد، لأنني أخاف النسيان أكثر مما أخاف الموت.

إن الاكتشاف الفني لا يعني نقل الموضوع ذاته، وبهذا يختلف عن الاكتشاف العلمي. فعندما يكتشف الكيميائي معدناً جديداً، فإنه سيحضره إلى المختبر كما هو، غير أن الموضوع الفني لا يمكن إحضاره، بل أن الفنان سيتحدث عن اكتشاف غائب، عن فعل الاكتشاف نفسه.

الاحتمال الأول: أن يكون النص مطابقاً للعالم - وهذا افتراض طبعاً -، إنني أعرف بأنه ليس مطابقاً تماماً، ولا غير مطابق. هناك شبه كبير بين النسخة والأصل، ولكن النسخة فيها الكثير من الانتقاء، وهذا الانتقاء هو الهدف الجمالي للفنون. ذلك أن جميع الفنون انتقائية

يبدو أن الخطأ الذي نرتكبه في الكتابة، هو أننا نمارسها في وضع الجلوس، لو جربنا أن نكتب وُقُوفاً، وفعل (الوقوف) يتجاوز معناه الشائع.. أقصد أن نتلقى العالَم بشكل بطولي.

إن وظيفة الخطاب الأدبي، هي استخراج قيمة إنسانية بالدرجة الأساس، فكيف يسعى الأديب إلى تحجيم ذاته بالانشغال بألعاب (السيرك اللغوي) أو بالبحث -لمجرد البحث- عن متاهات تجعل القارئ يخاف أن يفتح الكتاب.

إننا نستطيع أن نَشعر بأهمية أي عمل أدبي بقدر ما يطرح من أسئلة مفتوحة، تكون في النهاية، أسئلة ميتافيزيقية يصعب الإجابة عليها، لأنها دائما تفلت منا في لحظة الانتقال من الوعي إلى العالم وبالعكس.

على الأدب أن يتخلى إذاً عن مشكلة الشيوخ في دار العجزة، لأنها ستُحل تلقائياً بموتهم، ويعود بدلاً عن ذلك إلى الأسئلة الأولى؛ أسئلة الطفل التي لا نستطيع، نحن الكبار، أن نجيب عنها، دون أن نَكذب.

والناقد هو قارئ جيد يفلت من سلطة النص، النقد كتابة جديدة للنص.

إن قوة النص في تمكينه لنا من فهم هذه الإحالات، في التحويل من المتحرك إلى الجامد ثم إلى المتحرك مرة أخرى. العدم في حالة اكتشاف جزء منه سيصبح وجوداً. الخيال في حالة تدوينه يصبح واقعاً يضاف إلى خبرة الوعي.

التعرف (الماركسي): «الزمان صورة من صور المادة»، أعطانا مفهوماً ضيقاً للزمن.

التعريف (الأرسطي) مثلاً: «الزمان صورة متحركة للأبدية»، أعطانا مفهوماً للزمان الواسع، لا للزمن كحالة يومية.

والروائي الذي يعرف فن الرواية حقاً، يضع قبل أية خطوة، خريطة لمسار أزمنته وأزمنة شخوصه وأحداثه

الزمن هو مدار الرواية، وهو مجال كل تكنيك.

❞ للروائي، فإنه يحول اللحظات، عن طريق مجساته الحسية، إلى أشياء وأدوات للعب، أعني: إمكانية تجميد اللحظة - الحدث، وإمكانية حبسها داخل النص حيث تتحرر من جديد. ومادام النص هو الممكن الوحيد والمتاح الوحيد لتجسيد عملية الوصف، فإن القراءة هي فعل الخلق الثاني للحظة، احتمال انبثاق اللحظة مجدداً، احتمال ألا يكون ثمة خوف من فوات الأوان، إذ بالإمكان استعادة ما فات، أو لنقل ذلك بلغة التجار، تعليب الزمن وتقديمه مرة بعد ❝

أن هناك إمكانية مؤكدة نستطيع بها إطالة الانتظار، وذلك عن طريق الأدب، الرواية على الخصوص.

الانتظار هو الذي يعطينا بعض الأمل بوصول ش

«إن المكان، في مقصوراته المغلقة التي لا حصر لها، يحتوي على الزمن مكثفاً، هذه هي وظيفة المكان».