اقتباسات من رواية جنة على الأرض - الجزء الأول

The Shade 😅😂

«إلك فترة ما زرتِ عمّان، تغيّرت عليك المدينة شي؟».

‫ «عمّان كلّ مالها ما بتتغيّر وبتحلى، كلّ ما أجي بتفاجأ بالأبراج الطويلة الجديدة، يا دلّي بطّلت أعرفها».

‫ ضحكت الصبّوحة وأضافت «بس في برجين على الدوار السادس بلّشو فيهم من زمان وما كمّلوهم، حوينتهم كان حوّلوهم لمتحف أو شي.. حرام شو معتّر اللي بناهم».

ارتطامي بأيّ منهما كان يشحنني بطاقة وضع ريثما تتحوّل إلى طاقة حركة تدفعني بالاتّجاه المعاكس.

أحاول قراءة علامات الزمن التي زحفت على وجهه خلال السنوات التي حُرمت من رؤيته بها. شعرت بخيانة القدر الذي سرق منّي فرصة متابعة انحسار شعر رأسه وانتشار الأبيض فيما تبقّى منها.

لم أدرك ذلك سوى لحظة كدت أسقط فيها عن حافّة الدنيا لتتلقّفني أحضان الموت.

«أنا ما زلت أؤمن أنّ الإنسان لا يموت دفعة واحدة وإنّما يموت بطريقة الأجزاء. كلّما رحل صديق مات جزء وكلّما غادرنا حبيب مات جزء، فيأتي الموت الأكبر ليجد كلّ الأجزاء ميتة فيأخدها ويرحل».

كيف لي أن أدافع عن رغبة أخ بالموت تاركًا أخته، رفيقة دربه، وحيدة في هذا العالم، يعتصرها حنين له، ويعذبها بقايا وجوده بين ذكرياتٍ وصور مبعثرة لن يمحوها الزمن ولن تخفّف الأيّام من وقعها؟

قد يكون من غير الإنصاف الحديث عن تلك الصلة بأنّها نوع من أنواع الحبّ، أو نوع من أنواع الانجذاب الجنسي أو الاتّصال الروحي. قد تكون أهمّ صفة لتلك الصلة هي أنّها مبهمة تمامًا للعقل، فلا يقوى على تصنيفها داخل إطار معيّن، لكنّها في الوقت نفسه واضحة كلّ الوضوح للقلب.

جنة

رائحة السعادة اللتي استنشقتها روحي لم تكن سوى ذرات عطر خطفتها رياح الدنيا وحاجتي للتمسك بجذوري في ترابها

يجب علينا التمييز بين قضاء الموت وبين حكم الحياة

وإن كان الإنسان قديما تأنس مع الموت بسبب الشيخوخة، وتعايش مع صعوباتها وآلامها لغياب البديل، فهو اليوم قد طلّقها بالثلاث، ويكاد يمحوها من قاموسه بعد أن انتصر عليها ونزع منها أنيابها.

في السابق كانت البشريّة، تحت إرادة وحكمة إلهيّة، تقف عاجزة أمام جبروت الشيخوخة وسطوتها في التمهيد المرحلي لنهاية حياة الإنسان. لكن اللّه عزّ وجلّ سخّر العلم والمعرفة لما فيه خيرٌٍ للإنسان.

قد تكون ماسوشيته ما تدفعه للتشبّث بالدنيا، لكنّها ماسوشية طبيعية، يعرفها جيّدا كل منّا ممّن اتّخذ خيار البقاء والشباب الدائم.

قانونيا، كان العالم يمنع الولادات الجديدة كأداة لتنظيم معدّل النمو السكاني. لم يكن ليسمح بالحمل والانجاب سوى في حالة واحدة فقط، وهي فقدان أحد أفراد العائلة. بمعنى أن لكل عائلة الحق بالحفاظ على نفسها من الانقراض، وبالتالي تملك حق إحضار مولود جديد يعوّض المفقود فقط لا غير.

كم هو ظالم ذلك القدر الذي سحبك منا من دون أن يعطيك خيار البقاء!!