تس سليلة دربرفيل > مراجعات رواية تس سليلة دربرفيل
مراجعات رواية تس سليلة دربرفيل
ماذا كان رأي القرّاء برواية تس سليلة دربرفيل؟ اقرأ مراجعات الرواية أو أضف مراجعتك الخاصة.
تس سليلة دربرفيل
مراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Khaled Zaki
مراجعة لرواية تس سليلة دربرفيل – توماس هاردي
رواية تس سليلة دربرفيل ليست مجرّد مأساة فتاة ريفية وُضعت في وجه قدرٍ قاسٍ، بل هي ملحمة فلسفية عن الصراع بين الطبيعة والمجتمع، وبين البراءة والفكرة الموروثة عن الخطيئة.
أبدع هاردي في تصوير البطلة تس حين جعلها لا تقنع بالعقاب عن قناعةٍ تامّةٍ بالذنب، بل عن استسلامٍ صادقٍ لتقاليدٍ متجذّرةٍ في النفس حتى لتجعل المرء يدين نفسه بما لم يقترفه من إثم، إذ تُقنعه الأعراف بأن الضحية هي الجانية.
في شخصية تس نرى ضميرًا حيًّا طاهرًا، أكثر نقاءً من مجتمعٍ متفسّخ الضمير، حتى إنها تقبل الشنق لا هروبًا من العقاب، بل تحرّرًا من مجاراة الفساد، وتكفيرًا عن صمتٍ أليم تجاه ظلمٍ يلبس ثوب الفضيلة.
هاردي هنا لا يكتفي بتسجيل مأساة إنسان، بل يترك للمجتمع أن يحاكم نفسه؛ إذ ما تزال "شقيقات تس" كثيراتٍ في عالمٍ لم يتعلّم بعد كيف يفرّق بين الخطيئة المفروضة والخطيئة المختارة، وبين الطهر الفعلي والطهر الموهوم.
أسلوب هاردي في الرواية بديع متين، غير أنه يمطّ أحيانًا في السرد ويسترسل في التفاصيل كمن يُروّح عن القارئ من عمق الفكرة بفسحة الطبيعة وجمال الوصف. ومع ذلك تبقى لغته شعرية في جوهرها، تجمع بين الصرامة الأخلاقية والنغم الوجداني، وبين الواقعية القاتمة والرؤية التأملية التي تكشف عن فلسفة الكاتب في الوجود والقدر والضمير.
رواية تس ليست حكاية امرأة خذلها الزمن، بل شهادة أدبية على عجز الإنسان عن التوفيق بين فطرته النقية وقيوده الاجتماعية. وهي بهذا تبقى واحدةً من أعظم ما كُتب في الأدب الإنساني عن البراءة المهدورة باسم الفضيلة.
السابق | 1 | التالي |