الكتاب رقم سبع وثلاثون من العام 2025
الكذبة الثالثة 3 The Notebook Trilogy
الجزء الثالث من راوية الدفتر الكبير
أغوتا كريستوف Ágota Kristof
عن جنون الحرب والبراءة المهدورة
ترجمة محمدآيت حنا
""قلة قليلة من الناس يفعلون ما يتوجّب عليهم فعله
.وأقول لها إنني أحاول أن أسرد قصتي، ولكني لا أستطيع، ولا أملك الجرأة، لأنها تؤلمني، ولذلك أُجملُ كل شيء واصفا الامور ، لا كما جرت بالفعل، بل كما كنتُ أود أن تجري.
تقول: بلى، قد تكون حياة الواحد منا أشد كآبة من أشد الكتب كآبة.
أقول: بالضبط، إن الكتاب، مهما كان كئيباً، لا يمكن أن يكون بمثل كآبة حياة".
ملخص الأجزاء:
مع نهاية الجزء الأخير نكتشف حقيقة الحرب هنا لا سبيل من النجاة الميت في الحرب هو الناجي الوحيد، ويقول اهل غزة ذلك ن مات نجى ومن عاش سيعيش ويلات لا تحتمل، فهل عاصر اهل غزة ويلا أكثر من ذلك؟ ان ما يحصل ضرب من ضروب الجنون.
اغوتا هنا في رواية الكذبة الثالثة تضع حدا لجميع كدباتها على نفسها وعلى الحروب وعلى القارئ ، لقد كان الجزء الأول (الدفتر الكبير) تسجيل ليوميات الحرب وطبيعة الحياة داخلها لمقارنتها بحياة قبل الحرب وهو مهم لكي لا نفقد ذاكرتنا ، ثم كان (البرهان) والبرهان هو توثيق الحدث والمعرفة التي هي جزء مهم من الحقيقة ، ولكن بعد هذه الحقيقة ( حقيقة الحرب ) نكتشف الابعاد الأخيرة في عنوان (الكذبة الثالثة) لنعرف أننا خدعنا مرتين، لقد لاحقنا كذبة أولى وكذبة ثانية وها هي الكذبة الثالثة تأتي
أن كلاوس ذهب إلى الجانب الآخر من الحدود وبقي الأخ لوكاس ولكن (الكذبة الثالثة) تعيد الحكاية من جديد، وتقلب الأدوار فيكون كلاوس هو من بقي ولوكاس هو من رحل، او هو حلم متخيل وحديث غامض من جنون الحرب
ان الاخوين التوأم افترقا متذر سن الرابعة ولم يعيشا معاً الى هذه السنوات الاربعة قبل ان تطلق الام الرصاص على ابيهم لعزمه الزواج من اخرى وتصيب أحدهم (لوكاس) برصاصة في عموده الفقري ليصبح عاجزاً ويتم نقله الى مركز تأهيل وتوضع الام في مشفى للأمراض العقلية ويذهب كلاوس الى أحد الملاجئ الى تأخذه سيدة تتعهد بتربيته ليكتشف انها السيدة التي كان سيتزوجها والده وأنها ينجب منه ابنه.
يعيش معها لسنوات الى ان تخرج امه من المشفى ليذهب ليعيش معها وان كانت لا تزال تهذي باسم لوكاس وتتنظر عودته.
يتم قصف المركز الذي يعالج به لوكاس ولكنه ينجي ويذهبون به الى سيدة عجوز قاسية ليعيش معها تلك التي كان يناديها بجدتي ولم تكن جدته!!
ان الرجل الذي عبر الحدود وانفجر فيه اللغم لم يكن والدهم وان لوكاس هو الذي نجا من الانفجار وعبر الحدود
لوكاس الذي ظلت اصابته في العمود الفقري تعيفه وهو من كتب كل هذا في الدفتر الكبير.
كيف صنعت منه الحرب هذا الطفل صعب المراس يؤذى الكثيرين من زملائه في مركز التأهيل وكان يقابل بعض اولياء الامور القادمين لزيارة اولادهم ليخبرهم كذباً بموت ابنهم!!
وكان يقرأ الرسائل للأطفال في المركز بطريقة مخالفة لما هو مكتوب ويشعرهم ان اهلهم يتمنون لهم الموت ولا يرغبوا في عودتهم.
نكتشف ان كل ما دونه لوكاس كان اكاذيب او بمعنى ادق خيالات وامنيات لما كان يتمنى ان يحدث فهو لم يلتق بأخيه التوأم الا قبيل وفاته منتحراً ولقد أنكر هذا الاخ علاقته به ولم يسمح له برؤية والدته مدعياً ان هذا سيؤذيها لأنه ليس ابنها.
مأساة عاشها الاخوان تسببت فيها الحرب القاسية.. تلك الحروب التي تهدم البشر وتدمر حياتهم قبل تحطيمها للمدن والبلدات.
انها مذكرات لقصة حياته ولكنها ليست كما كانت! ربما كما تمنى ان تكون ....
“واقول لها انثنى احاول أن أسرد قصتي ولكنني لا استطيع ، ولا املك الجرأة ، لأنها تؤلمني. ولذلك أُجمل كل شيء واصف الامور، لا كما جرت بالفعل، بل كما كنت أود ان تجرى.
قد يتجاهل الإنسان إرث الماضي ولا يحبذ تغيير نمط حياته بما يصله من الماضي، وهذا ما يعمل عليه بطل رواية «أغوتا كريستوف»، إذ يتنكر كلاوس لأخيه لوكاس، فالأخير يصر على رؤية شقيقه ومعرفة أوضاع أمه، وتؤتي جهوده في هذا المجال ثمارها، وذلك لا يمنعه من أن يعهد بأوراقه ودفاتره إلى أخيه، ولا تنفك الأم تنادي لوكاس وتذكر كلاوس بما يتحلى به أخوه من الذكاء والتفوق في اختياراته.
وبخلاف أخيه فإن لوكاس تهمه العودة إلى تفاصيل حياته الماضية، وعندما يخفق في هذا الأمر ينتحر، هنا تتناسل الأسئلة حول الأسباب وراء إقصاء كلاوس لأخيه عن حياته مع أنه ينشر أشعاره باسمه، هل يمكن تفسير ذلك بأن كلاوس يحمل آراء المؤلفة التي لا تريد اقتحام ماضيها إلى الحاضر، ومقتنعة بأن المرء لا ينزل في نهر الماضي مرتين.
أيا كان السبب، فإن ما تلمسه بوضوح هو أن صاحبة (الدفتر الكبير) توظف ما تراكم لديها من تجارب مع التغرب وإشكالية الهوية وما تعلق بذهنها من صور موطنها الأول في إطار أعمالها الروائية، كما تجسم «أغوتا كريستوف» من خلال نصوصها أهوال الحرب وما تتركه من الندوب في أعماق الإنسان، بحيث ما عاد بمقدور الكائن الإنساني أن يعيش في أطواره الطبيعية عندما تفتح فوهة جحيم الحرب.. وبذلك تنزل جل أعمال الكاتبة في صنف أدب الحرب الذي صار مدونا موازيا للتاريخ
الحرب تترك الانسان جاحدا كافرا بكل القيم بالوطن والشعارات الهزلية وبكل شيء لكن انقف هنا مع الحب والحنين من خلال الاخوين من خلال الندم في قلوب التي أنهكها الوجع بعد أن أنهكها الانتظار، ونشاهد آثار الوجع على أرواح الاخوين التي شاخت. تُبدّد مشاعر الحُب والكُره والشجن والحنين والاشتياق في هذه الرواية بعضًا من الوجع والالم.