الكاتب الكبير سمير عطا الله له مقال مهم عن الكتاب بعنوان: “سيرة الشقيق” وصف الكتاب بأنه: “محاولة وضعها عيسى الماغوط للحديث عن شقيقه الأصغر الذي عاش طفولته في السلمية في كوخ ليس فيه عنب ولا تفاح ولا حلوى، وفيه على الدوام كومة من الزبل (الروث) تستخدم للتدفئة. وفي هذا البيت المبالغ في الفقر، يموت الأشقاء الرضع من الجوع أو المرض أو البكاء أو الملل”. ثم ذهب إلى القول: “يخبرنا عيسى الماغوط أن هذا التمرد بدأ في البيت عندما كان في السادسة من العمر، فقد رفض الفقر الذي يحاصره ويطبق على العائلة، ومع ذلك عمل في الحقول وفي الحفر وفي النقل، من أجل أن يجمع ثمن تذكرة الهرب بالباص”.
هؤلاء الكتاب الذين لا يعرفون الكاتب معرفة شخصية، لم يعتبروا ما كتبه عيسى الماغوط عن هذا الفقر الأسود تشهيراً، ولا ثأراً مبيناً، لأنهم يدركون معنى قول الحقيقة المعاشة وأهميته في إضاءة شخصية الماغوط، لقد صور عيسى الماغوط محمد الماغوط الإنسان الذي يصر البعض أن يجعله “تابو..” ليركبوا كالعلق على تجربته وشهرة وجاذبية اسمه.. وللأسف هذا التأليه والأسطرة والمبالغات العاطفية هي ديدن الثقافات الشفاهية، وديدن الأيديولوجيا والعصبيات الضيقة.. ليس إلا.
إن محمد الماغوط بلاشك شاعر كبير.. لكن الحق أحق أن يتبع فنيا وذوقيا ومعرفيا. وقد أصر بعض عبدة الأوثان على أن العبقري يجب أن يظل بعيداً عن النقد، ولا يعرفون قد يكون هذا الجانب سر عبقريته… ولا تتغير وجهة نظرهم التالفة بأن يتحدث شقيقه عنه بعيدا عن الخطاب النقدي الشخصي ولكنه لأنه الأقرب لحياة الماغوط الشخصية ويستطيع إلى حد كبير، وأكثر من غيره ،تحليل جمل الماغوط وتفكيك شخصياته وأبطالها في المسرح، إلى عناصرها الأولية ومدلولاتها من تجربة الماغوط الحياتية والشخصية.