المؤلفون > جين سعيد المقدسي > اقتباسات جين سعيد المقدسي

اقتباسات جين سعيد المقدسي

اقتباسات ومقتطفات من مؤلفات جين سعيد المقدسي .استمتع بقراءتها أو أضف اقتباساتك المفضّلة.


اقتباسات

كن أول من يضيف اقتباس

  • هذا هو المستقبل. حروب صغيرة، يشتبك فيها القادة المحلّيون بمعارك محلّية، تدعمهم قوى أكبر وهؤلاء بدورهم مدعومون من الدول العظمى. الأفراد لا يعودون موجودين ـ نحن لا شيء: حياتنا، بيوتنا، مشاكلنا الخاصة مطامحنا، كلها لا شيء. هناك مخطط كبير، ربما هناك عدد ضئيل من الناس في العالم يفهمونه، ويديرونه. ثم هناك أيضاً الأسلحة.

  • عندما حدثت مجزرة الكرنتينا، سرت إشاعات بأن الشباب الذين ارتكبوها كانوا تحت تأثير المخدرات. ربما كانوا كذلك. القضية هي أنه لم يكن بإمكاننا التصديق أن وحشية كهذه يمكن أن تظهر بشكل طبيعي. والتصديق بأنهم كانوا تحت تأثير الكوكايين ترك لنا إنسانيتنا سليمة: أبتاه اغفر لهم، إنهم لا يدرون ما يفعلون.

    ولكن هذا التفسير هو اليوم أكثر صعوبة في التصديق. فالكثيرون من الناس ارتكبوا أعمالاً لا توصف لبشاعتها، وفي مناسبات كثيرة جدّاً. وهؤلاء ليسوا من منطقة واحدة ولا من مجتمع ولا طبقة ولا مذهب واحد. إنهم بيننا جميعاً، ومنَّا جميعاً على ما يبدو. والظاهر أنهم لم يكونوا مدفوعين من الكوكايين، على الأقل ليس من الكوكايين وحده، بل من ذلك المخدّر الأكثر قوة بعشرات المرّات، مخدّر الكراهية الصرف، الكراهية والانتقام.

    ماذا يعني ذلك إذن؟ ماذا تعني كل هذه الأعمال الوحشية غير القابلة للتصور؟

    أنا لا أثير هذه القضية لأية غاية فلسفية، لأن هذه ليست مسألة فلسفة بالنسبة إليّ. لقد عشت هذه الأشياء، وأريد أن أعرف ماذا تعني. أريد أن أعرف إذا كان بإمكاني أن أتحاشى الاستنتاج البديهي أنه في طبيعة الإنسان، وأن بإمكان أي شخص أن يفعل ذلك، وأن بإمكاني أنا أن أرتكب ذلك. هل باستطاعتي ذلك، إذا دفعت إلى ارتكابه بما فيه الكفاية؟

  • والسؤال، هل هناك فارق بين تقتيل الناس بكبسة زر وأنت محلّق في السماء وقتلهم بينما كنت تشاهد الهلع على وجوههم؟ هل هناك فرق بين الرجل الذي يقف على تلة بعيدة ويصوب المدفع بواسطة منظار ويطلق قذيفته على المدينة ـ بينما يصمّ أذنيه عن سماع الدويّ ـ ويتأكد من سقوط الصاروخ حيث صوّب على الهدف، ويظل نظيفاً؟ وإذا لم يكن لديه المخيلة ولا يرى الأجساد المحروقة الممزقة ولا الدم النافر ولا الأشلاء المتناثرة، ولا سامعاً صوت تكسّر الزجاج ودوي تهدّم الإسمنت وصيحات الهلع وولولة الأسى ـ هل هناك فارق بين هذا الرجل والآخر الذي يقتل بيديه، يرى ويشمّ ويسمع نتيجة عمله وهو يرتكبه؟ ما هو الفرق؟ لماذا يجد الناس أن عملاً معيّناً في الحرب مقبول أكثر من عمل آخر؟ هل هناك فرق بالنسبة للضحية أم أن الفرق هو فقط في ردة فعل المتفرّج؟ هل لأننا نقول لأنفسنا، بتأكيد المعتد بذاته: «أنا لن أرتكب ذلك قط،» وبذلك نفصل أنفسنا تماماً عن الفعل، شاعرين بالارتياح بسبب إنسانيتنا التي لم تقفر؟

  • الخطر الأسوأ في كل هذا الحمّام الدموي الذي غطّسنا فيه ليس خسارة الحياة، بل خسارة الإيمان. ولا أعني خسارة الإيمان بالله. بل أعني خسارة الإيمان بالإنسانية وواحدنا بالآخر.

  • وبين المعارك الضارية قد يخيّم الهدوء التام لبضعة أيام.

    وخلال ذلك الهدوء تستمر الحياة، بلا معنى بالظاهر، ولكن في الواقع مثقلة بالمعاني في خضم العنف المحيط بنا. اعتناق الحياة بدلاً من الموت، والبهجة والتضامن بدلاً من الانقسام والكراهية، و«الاستمرار» صار يعني لا التمسك الأعمى الغبيّ بماضٍ فات واندثر بل بياناً واضحاً عن مستقبل منظور لا مكان فيه لعداوات الحرب. إنه فعل رزين من المقاومة، وهو له خطره أيضاً. هذا ما لسنا نفهمه نحن أحياناً.

1