اقتباسات من كتاب الخوف من العلم: من نظرية الخلق حتى الذكاء الاصطناعي

انفجرت فوق رأس المواطن المعاصر لفترة ما بعد الحداثة قنبلة من المعلومات التي يفشل أمامها في تبني رؤية واضحة للعالم. بل لم يعد يؤمن بوجودها من الأساس، فيشكك في الأيديولوجيات، ويتجاهل أي تصريح أُعلن بموضوعية، ويشك في قدرة العقل البشري على تطوير نظريات عن الكون. ومن خلال النظر من هذه العدسة، تحول النهج العلمي إلى محاولة لتأكيد الفرضيات التي تُعتبر في حد ذاتها نتاج الهياكل الاجتماعية والتحيزات الفكرية؛ يُتاح التلاعب بتحليلات التكلفة مقارنة بالمنفعة من جانب السلطات القوية التي تحاول بكل الوسائل خلق نظريات،

في عام 2006، وقعت عيناي على بضعة أسطر في مجلة نيويورك تايمز عن عالِم الأوبئة جون يوانيديس، الذي يرى أن غالبية الأوراق العلمية المنشورة في مجلات الطب الحيوي مليئة بالأخطاء

إن العالم الرقمي، الذي تطور دون قواعد تحكمه لمدة ثلاثين عامًا كـغزو الغرب، يتحكم فيه عدد قليل من الشركات العملاقة التي باتت تتمتع بقوة الدول. وبفضل جمع كميات هائلة من البيانات والتقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، يؤثر هؤلاء العمالقة في المجتمع من خلال فرض طرق جديدة لاستخدام وقت حياتنا، ويستشعرون نقاط ضعفنا ويستغلونها لمصلحتهم الاقتصادية الخاصة ويخلقون الإدمان ويسهلون انتشاره بنشر الأخبار الكاذبة. ثم بفضل الخصخصة التدريجية للخدمات، تتزايد الحزبية وينمو العداء الاجتماعي. إن تفكك المجتمع والحفاظ على الديمقراطية على المحك في مثل هذا المجتمع الخاضع للسيطرة الرقمية.

سرعان ما تصبح البيانات الدين الجديد الذي يعتنقه الباحثون الهدف هو جمع أكبر عدد ممكن منها البيانات لا يقصد بها الصور فقط؛ بل والكلمات والعادات اليومية وخطوط السير والمشاعر والأحاسيس وصور السيلفي والأسئلة الموجهة لمحرك البحث جوجل ومسارات الملاحة على الإنترنت والحوارات مع المساعدين الرقميين والرسائل على مواقع التواصل الاجتماعي والمحادثات عبر المواقع الإخبارية أما البيانات التي تخص أجسادنا فيجمعونها من ساعات اليد والهواتف المحمولة والقارئ الإلكتروني تتفقد المنصات حركات الفأرة على الشاشة ونحن نقرأ، فمثلًا شركة أمازون تعرف كم من الوقت نقضيه في قراءة كتاب وما الصفحات التي لامست مشاعرنا أكثر وما السطور التي نقطع فيها غالبًا قراءتنا ‫

أُطلق فريندستر عام 2002 وماي سبيس ولينكدإن وآي تيونز في عام 2003 ثم فيسبوك في عام 2004 وتويتر في عام 2006. بين عامي 2006 و2009 أنتجت أستاذة في جامعة ستانفورد -التي كانت تدعى فيفي لي ثم أطلقت على نفسها لقب العالم الطباخ على منصة جوجل كلاود- برنامج يدعى إيميدج نت(310) الذي يستهدف «رسم خريطة لكل الأشياء الموجودة في العالَم(311)». منذ تلك اللحظة تُعقَد مسابقة لتتويج الخوارزمية التي تعرِّف الأشياء الموجودة في قاعدة البيانات بأقل معدل للأخطاء. أول من فازوا هم جوجل وبايدو وهواوي في عام 2010.

‫ كأي قاعدة عامة لها استثناءات، يصبُّ العلم في مصلحة الشّر إذا كان هذا الشر يصب بدوره في مصلحة الأثرياء، في حين يخدم العلم عالَم الأخيار عندما يسهم في إشباع حاجة الفقراء. […] إذا استمرت التكنولوجيا في نهجها الحالي، متجاهلةً حاجة الفقراء وممطرةً بالمنافع على رؤوس الأثرياء، فسوف يتمرد الفقراء عاجلًا أم آجلًا ضد بطش التكنولوجيا وسيلجؤون إلى حُجج تفكيرية لا عقلانية وجامحة.

‫ فريمان دايسون، كتاب "العالِم متمردًا"،

‫ مراجعة نيويورك للكتب، عام 2006، ص 24.