تاريخ هنيبال > مراجعات كتاب تاريخ هنيبال

مراجعات كتاب تاريخ هنيبال

ماذا كان رأي القرّاء بكتاب تاريخ هنيبال؟ اقرأ مراجعات الكتاب أو أضف مراجعتك الخاصة.

تاريخ هنيبال - نعوم مكرزل
تحميل الكتاب مجّانًا

تاريخ هنيبال

تأليف (تأليف) 2.3
تحميل الكتاب مجّانًا
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم



مراجعات

كن أول من يراجع الكتاب

  • لا يوجد صوره
    5
    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
  • لا يوجد صوره
    1

    "تاريخ هنيبال" لـِ Jacob Abbott، ترجمة نعوم مكرزل..

    أنهيتُ الكتاب وخرجت منه بصدرٍ مُثقل بالغضب والحزن. لم أشعر أنّني أمام سيرة تاريخيّة حيّة، بل أمام نصٍّ جافّ يميل إلى السّرد الجامد، ويعيد إنتاج الرّواية الرّومانية القديمة التي لطالما قلّلت من شأن قرطاج وحنّبعل.

    السّرد باهت، تقريري، خالٍ من حرارة التّاريخ وروح القائد.

    غضبي دفعني للبحث عن الكاتب وأصله وزمانه، وعن هويّة المترجم، وعندها تبيّن لي أنّ Abbott مؤرّخ أمريكي من القرن التّاسع عشر كتب من منظور غربي يميل بوضوح إلى الرّواية الرّومانية التّقليدية، أمّا المترجم نعوم مكرزل فهو مفكّر وصحفي لبناني من المهجر عاش في أمريكا، له حسّ قومي وفينيقي، ما أثّر على اِختيار الأسلوب وأحيانًا على صياغة الأحداث، وعلى طريقته في تقديم قرطاج وكأنّها اِمتداد ثقافي لفينيقيا، بينما الواقع التّاريخي يقول أنّ الدّولة القرطاجيّة كانت كيانًا مستقلًّا له حكومته وجيشه وأسطوله ونفوذه وسيادته الكاملة في شمال أفريقيا وجنوب إسبانيا.

    ثمّ اِكتشفت وجود نسختين لترجمة مكرزل: واحدة بعنوان "تاريخ هنيبال"، وأخرى بعنوان مختلف تمامًا، ومع ذلكـ وجدتُ إشادة واسعة بالمترجم، وكأنّ أحدًا لم ينتبه لميوله، ولا لتغييراته الجوهريّة، ولا للإنحياز الذي يتسلّل إلى النّصّ بوضوح.

    وما زاد اِستغرابي أنّ مكرزل قدّم للكتاب عنوانين مختلفين بالكامل في طبعتين مختلفتين.

    في إحدى النّسخ اِكتفى بعنوان باهت:

    "تاريخ هنيبال"، وكأنّه يقدّم كتابًا مدرسيًّا جافًّا بلا روح.

    وفي نسخة أخرى ذهب إلى النّقيض، وصاغ عنوانًا دعائيًّا لا علاقة له بالأصل: "تاريخ حنّبعل: أسطورة القائد الفينيقي الذي هزّ عرش روما وأعاد تشكيل فنون الحرب.

    هنا لم يعد الأمر ترجمة، بل إعادة كتابة للعنوان وفق ميول أيديولوجيّة.

    فقد حذف كلمة African من العنوان الأصلي (Hannibal: The African Warrior)، واِستبدلها بخطاب فينيقي مباشر، موجّهًا القارئ نحو قراءة أيديولوجيّة تُهمّش الهويّة الإفريقيّة لحنّبعل وتُعيد رسم قرطاج وفق رؤية لا تخدم الحقيقة. هذا التّلاعب بالعنوان ليس تفصيلاً… بل اِنحياز صريح يمسّ هويّة القائد والسّرد التّاريخي معًا.

    العنوان الأصلي بسيط ودقيق: "حنّبعل: المحارب الإفريقي".

    عنوان يضع القائد في مكانه الحقيقي الجغرافي والحضاري.

    لكنّ التّرجمة حوّلته إلى شيء آخر تمامًا.

    وهنا تجدر الإشارة إلى نقطة مهمّة يغفل عنها الكثيرون: كلمة "إفريقي" في العصور القديمة لم تكن تشير إلى القارّة كما نفهمها اليوم، بل كانت اِسمًا جغرافيًّا يطلق أساسًا على المنطقة التي تُعرف اليوم بتونس. فـ"إفريقيا" كانت تسمية رومانيّة لمقاطعة تقع في قلب الأراضي القرطاجيّة، ثمّ تَوسّع معناها لاحقًا ليُمنح للقارّة بأكملها.

    بمعنى آخر: "المحارب الإفريقي" في العنوان الأصلي يعني عمليًّا "المحارب التّونسي/القرطاجي، اِبن هذه الأرض تحديدًا، وليس وصفًا عامًّا تُحاول بعض التيّارات، ومنها التيّارات الأفروسنتريكيّة المعاصرة، توظيفه خارج سياقه الجغرافي والتّاريخي الحقيقي.

    وهنا، كمترجمة، شعرتُ بغضبٍ شديد… ثمّ كقرطاجيّة تضاعف غضبي. فالفرق بين "المحارب الإفريقي" و "القائد الفينيقي" ليس تفصيلًا لغويًّا، بل تحوّلٌ في الهويّة والسّرد التّاريخي، وفي نظرة القارئ إلى قرطاج نفسها. اِختيار مكرزل ليس بريئًا ولا محايدًا، بل هو إعادة توجيه للخطاب نحو رواية لا تخدم حقيقة التّاريخ.

    أكثر ما أثار اِستيائي هو تصوير حنّبعل كرجل متعطّش للحرب، وكأنّه يحبّ القتال لذاته، بينما التّاريخ الحقيقي يثبت أنّه كان قائدًا نبيلًا حارب دفاعًا عن وطنه ومصالح شعبه، لا بدافع الطّمع أو الحقد. فقد واجه روما التي نقضت العهود، وخانت المواثيق، واِعتدت على أملاكـ قرطاج وحلفائها، وكان ردّه حماية لبلده ومجابهة للظّلم، لا حبًّا في الدّماء.

    لم يكن طمّاعًا ولا متهوّرًا؛ بل مقاتلًا شرسًا في وجه الظّلم، يدافع عن شعبه وعن سيادة دولته.

    كما ظلم الكتاب قرطاج نفسها، إذ يُقدّمها في كثير من المواضع كمدينة محدودة النّفوذ، متجاهلًا أنّها كانت دولة مستقلّة، ولها حضارة متجذّرة ونظام سياسي وتجاري متقدّم. أمّا الإصرار على تقديمها كاِمتداد "فينيقي" أو "لبناني"، فهو تفسير لاحق غير مثبت تاريخيًّا، ولا يستند إلى أدلّة قطعيّة، ولا يعكس اِستقلالها السّياسي ولا فرادة حضارتها.

    يزداد التّشويه حين يتجاهل المؤلّف دور مجلس الشّيوخ القرطاجي في إحباط خطط حنّبعل، ويقدّم اِنسحابه من إيطاليا وكأنّه هروب، بينما كان سياسيًّا مفروضًا عليه لا خيارًا شخصيًّا.

    أمّا التّرجمة فقد جاءت بأسلوب قديم، ثقيل، يزيد جمود النّص، ويكرّس الأحكام بدل أن يقدّم سيرة حيّة لقائد من أهمّ من مرّوا على التّاريخ العسكري.

    خرجت من الكتاب غاضبة، ليس لأنّه لم ينصف حنّبعل القائد النّبيل، بل لأنّه لم يُنصف قرطاج نفسها، ولم يحترم تاريخًا عظيمًا تحاول الرّواية الرّومانية أن تلتهمه منذ قرون..

    كتاب لا يعكس عمق الصّراع، ولا يُظهر نبل القائد، ولا يُنصف حضارة قرطاج التي وقفت شامخة أمام قوّة روما الطّامعة. القراءة فيه تحتاج إلى وعيٍ نقدي يقظ، وإلى إدراكـ بأنّ التّاريخ الذي كتبه المنتصر لا يمكن أن يكون الحقيقة الكاملة..

    أبدًا....

    Facebook Twitter Link .
    0 يوافقون
    اضف تعليق
1