مستر كلكامش
تأليف
عمر سعيد
(تأليف)
كلّ الصراعات في الحياة مجرّد عبث؛ صراع الأرض، والمعيشة، والحب، والخيانة، حتى ذاك الصراع المتوتر مع الزمن، يتبدّد جميعه حين نقف وجهاً لوجه أمام الصراع الأوحد: صراع البقاء. الرغبة في الاستمرار، ثم العجز التام عن ذلك، هذا هو جوهر المعاناة. ما أضعف هذا الجسد الذي يسقط رغم كل الحذر، وما أقساه حين يجرّ الفكر معه إلى الفناء بلا رأفة. صفقة غير عادلة؛ أن يفنى الجسد ويُعدم العقل. لعلّ هذا ما أفرز فينا حاجة لاختراع "الروح"، تلك الفكرة التي تمنحنا عزاءً في أن شيئًا منا سيبقى بعد تفسخ الجسد واندثار العظام. فكرة تُهَوِّن النهاية، تُلهب العبادة عند قمة جبل، أو تبرّر تقديم القرابين لجماد، تُجسّد في زنبقة، آية، أو طلسم، أي شيء نتمسك به ليمنحنا وهم الخلود، لنبتلع بذلك آخر طعم في الوجود: طعم الموت.
أشعر أن العالم ليس سوى كلمات اخترعناها لنهرب من الفراغ، وهمٌ من حروفٍ متقاطعة نسجنا بها معنى وجودنا. لكن عند الموت، تتبعثر الحروف، وتفرّ المعاني من الكلمات، فيتحول العالم فجأة إلى شيء غريب... مخيف... لا يشبه شيئًا مما ألفناه.