رمسيس يونان والترجمة المنفتحة على الغرابة
تأليف
محمد بن حمودة
(تأليف)
انطلق التصوير العربي الحديث، حينها وجد التشكيليون والأدباء أنفسهم أمام وضع غريب يعيش فيه الغرب حالة مزدوجة: من جهة، حداثة بلغت ذروتها في عصر الصناعة، ثم بدأت بالتلاشي مع قدوم عصر ما بعد الصناعة؛ ومن جهة أخرى، معاصرة تستفيد من الوسائط الإلكترونية المتعددة لإعادة الاعتبار لقيم تعود إلى ما قبل الحداثة.
اللافت، مع ذلك، هو أن العرب، وبالأخص المصريين، أظهروا حزمًا أكبر بكثير في رفض مظاهر المعاصرة مقارنة بالتوجس الذي أحاط بعلاقتهم بالحداثة نفسها. فكيف يمكن تفسير هذا التناقض؟ ولماذا تلك الشراسة في رفض ما اعتُبر "تشابهًا محرجًا" مع التصوير الحديث، بينما أبدوا مرونة واضحة في التفاعل مع الحداثة الكلاسيكية الأوروبية؟
ربما يكمن الجواب في عوامل متعددة: ارتباط العرب، خاصة في مصر، بالهوية الثقافية والتاريخية، التي رآها البعض مهددة بالاندثار أمام تدفق الثقافة الغربية الحديثة، فتجلت ردود الفعل هذه في رفض حاد لكل ما يشبه التشابه السطحي مع الحداثة الغربية المعاصرة، خشية فقدان الخصوصية والذاتية الفنية. في المقابل، كانت الحداثة الكلاسيكية الأوروبية تُرى كمرحلة تأسيسية، تحمل قيمة فكرية وجمالية يمكن التعاطي معها وإعادة تفسيرها بما يتناسب مع السياق المحلي، ما سمح بذلك الحوار والتفاعل.
بالتالي، جاءت هذه الشراسة والمرونة كإستجابتين متناقضتين لكنها مترابطة، تعكس محاولة الفنان العربي الحفاظ على توازن بين التمسك بالذات الثقافية والانفتاح على التجديد والتطور الفني.