وفي الجملة كانت الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي والأوحد للأحكام لأكثر من ألف وثلاثمائة عام حتى نهاية القرن الماضي حين تزايد النفوذ الأجنبي الذي استهدف إقصاء الشريعة وتغيير البنية الاجتماعية للأُمة، حيث أُنشئت المحاكم المختلطة، وأُلغيت المحاكم الشرعية، واستُمدت القوانين من مصدر أجنبي غير شرعي لا يتصل بانتماء البلاد الإسلامي ولا بخصائصها الثقافية والاجتماعية التي حددت ذاتية البلاد وهويتها الإسلامية، وكان من الأولى أن تنعكس على القانون الذي يحكمها ويسود فيها، فالتشريع الصحيح وليد روح الأُمة وقيمها ومبادئها الدينية والاجتماعية.
الشريعة والتحديث : مباحث تاريخية واجتماعية في تقنين الشريعة وتطبيقها
نبذة عن الكتاب
فلاسفة القانون يرون أن جوهر القانون يكمن في كونه ميزانًا يفرق بين الخير والشر، والعدل والظلم، والاستقامة والانحراف، وهو ما يمنحه قوته الإلزامية. لكن هذا الطابع لا يمكن فصله عن السياق الذي يُطبق فيه، فهل من المعقول أن يكون القانون مجرد منظومة جامدة بعيدة عن طبيعة المجتمع الذي يُسن فيه؟ وهل يُقبل أن تُزرع جذوره في تربة ثقافية غريبة عن عاداته وأخلاقه ومعاييره في التحسين والتقبيح؟ في السياق العربي، تَشكَّل الإطار القانوني على مدى قرون طويلة تحت مظلة الحكم الإسلامي، حيث كانت الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع، مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية. وحين لم تكن النصوص المباشرة حاضرة، اجتهد الفقهاء في استخراج الأحكام، مستندين إلى أصول الفقه وقواعده الكلية، ومسترشدين بالسوابق والمبادئ المماثلة. وقد أسفر هذا الجهد عن إنتاج ثروة قانونية عظيمة، تميزت بمرونتها وعمقها، وسبقت في كثير من جوانبها ما وصل إليه الفكر القانوني الغربي الحديث. ولم يبق هذا التأثير حبيس العالم الإسلامي، بل امتد ليبلغ أسماع فقهاء أوروبا، الذين وجدوا في الفقه الإسلامي حلولًا لقضايا قانونية شائكة، واستلهموا من أحكامه ما ساعدهم على تطوير نظرياتهم. فالقانون، وإن كان أداةً للفصل والحسم، لا ينفصل عن بيئته، ولا ينمو بعيدًا عن جذوره الثقافية والأخلاقية.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2021
- 304 صفحة
- [ردمك 13] 9789778581386
- أركان
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
50 مشاركة