المدينة العتيقة : دراسة لعبادة الإغريق والرومان وشرعهم وأنظمتهم - الثورات - الكتاب الرابع
تأليف
فوستيل دي كولانج
(تأليف)
عباس بيومي
(ترجمة)
يتناول هذا النص تطور سلطة المدينة في المجتمعات الإغريقية والرومانية، حيث كانت منذ نشأتها تمتلك سلطة مطلقة تجمع بين ما نفصل اليوم بين مؤسسات الدولة والكنيسة. لم تقتصر هذه الهيمنة على الجوانب المادية للحياة فقط، بل امتدت لتشمل الروح والفكر، مما منحها قوة لا تضاهى.
رغم هذا النفوذ الكبير، لم تكن السلطة قادرة على منع اندلاع الثورات، التي كانت نتيجة طبيعية لتحول الأفكار، وضعف العقائد، وتفكك الأسس الاجتماعية التي قامت عليها المدينة. كما ساهم ظهور فئات مستبعدة من النظام في محاولة هدمه. مع تصاعد الاضطرابات والانقلابات، أصبحت مهمة حكم البشر أكثر تعقيدًا، مما استدعى وضع قواعد أكثر وضوحًا ودقة.
في أثينا، على سبيل المثال، إلى جانب المناصب التقليدية، برز رجال الدولة الذين كُرّس دورهم لحكم العامة وتطبيق القوانين. وفوقهم كان مجلس الشيوخ، كمؤسسة استشارية شبيهة بمجلس الدولة، لكنه لم يكن السلطة العليا، إذ كان مجمع الشعب هو السلطة الحقيقية، صاحب الكلمة الفصل في إدارة شؤون المدينة.