مثابر

نبذة عن الرواية

"مصعب... ابن المنطقة الرمادية" وُلد مصعب في زمن يميل ميزانه أكثر فأكثر نحو التطرف، حيث تتآكل الطبقة المتوسطة التي خرج منها كما تتآكل الحواف بفعل الزمن، تاركة إياه عالقًا في مساحة تتسع غموضًا وتضيق انتماءً. لا هو من أولئك الذين تبرزهم الحياة للواجهة، ولا من الذين يلفتون الانتباه بتفاصيلهم. طوله لا يكفي ليكون علامة، ولا نقصه يثير تعاطفًا. لحيته نصف مكتملة، كأنها انعكاس لارتباكه الداخلي—لا هي كافية لتمنحه وقارًا، ولا ناقصة بما يكفي لتبدو مجرد عبث مراهق. ذكي، نعم، لكن ذكاء الكتب لا ينعكس دائمًا على الملامح. لا نظارات تفضحه، ولا تصفيفة شعر توحي بأنه فكر بها أكثر من اللازم. بشرته، بخريطة صغيرة من ندوب البثور، تشي بقصص صامتة—كما لو أن رسامًا مبتدئًا حاول رسم لوحة على عجل، ثم تركها دون توقيع. في مدينة تسابق نفسها نحو التغير، حيث تذوب المسافات الطبقية ظاهريًا لكنها تتعمق من الداخل، يقف مصعب متفرجًا. يشاهد من بعيد أولئك الذين صعدوا إلى قمم من زجاج، وأولئك الذين غرقوا في قيعان من إسمنت. أما هو، فمعلّق في الفراغ، في تلك المساحة الرمادية التي تتقلص ببطء، حتى تكاد تبتلعه.