الهوية الشيعية الكويتية وجدلية المواطنة : سلسلة الدراسات الفكرية والسياسية
تأليف
عباس المرشد
(تأليف)
دعونا نبدأ بطرح تساؤل جوهري: كيف كان سيكون شكل المجتمع والدولة في الكويت لو لم تكن الجماعات الشيعية جزءًا منه؟ هل كان غيابهم سيؤدي إلى اختفاء التوترات المرتبطة بالهويات الفرعية؟ وهل كانت الكويت، وربما دول الخليج كافة، ستحقق حينها ديمقراطية مكتملة ومواطنة متساوية؟
وهل كان يمكن للأسوار الرمزية التي جمعت مكوّنات المجتمع الكويتي في بدايات تأسيس الدولة المدنية أن تحميه من الانقسام والانفلات السياسي والاجتماعي؟ هذا "السور" الذي لم يكن مجرد حدود مادية، بل كان إطارًا جامعًا وحاميًا للتماسك الوطني. فما الذي حدث عندما وُلدت الدولة الأمة، ودُوّن دستورٌ حديث ومتقدم وُصف بأنه الأبرز في المنطقة؟ لماذا انهارت رمزية "السور" مع صعود الدولة الحديثة؟ وهل منحت الدولة الأمة حصانةً للمجتمع أقوى من تلك التي وفرها السور القديم بمراحله الثلاث؟
تتناول هذه الدراسة هذه الأسئلة الحساسة والمعقدة، مستندة إلى الجماعات الشيعية كنموذج تحليلي، دون أن يعني ذلك استثناء الجماعات الأخرى، سواء كانت مذهبية، قبلية، أو عرقية. فالإخفاق الذي ترصده الدراسة يبدو أنه شمل مختلف المكونات التي يتألف منها النسيج الكويتي، ما يسلط الضوء على الحاجة إلى دراسات إضافية تُعنى باستراتيجيات تلك الجماعات، وهوياتها الفرعية، وطبيعة تفاعلها مع الهوية الوطنية. إنها علاقة لم تخلُ من التوترات، توترات قد تتفجر في لحظات تاريخية حاسمة إن لم يتم فهمها ومعالجتها بعمق.