حرائق قرطاج

أنهيت قراءة "حرائق قرطاج" وأنا مثقلة بالألم، كأنّني عشت مع شخصيّاتها خيباتها واِنكساراتها لحظة بلحظة..

هذه الرّواية ليست مجرّد حكاية، بل مرآة ضخمة لأحلام جيل كامل اِنهارت في مواجهة واقع قاسٍ، حتّى بدا الخذلان وكأنّه خسارتي أنا..

خير الدّين جمعة كتب نصًّا يعرّي الخذلان الجمعي بعد الثّورة، ويكشف كيف تتحوّل الأحلام إلى رماد..

شخصيّاته مألوفة إلى حدٍّ موجع، كأنّنا نصادفهم في حياتنا اليوميّة، ولهذا يصعب على القارئ أن ينفصل عاطفيًّا عنهم..

الرّواية تلامس جروحًا إنسانيّة عميقة: الخيانة، الفقد، ضياع الهويّة، والإغتراب..

لغة السّرد شاعريّة ومتدفّقة، والأصوات المتعدّدة تضيف عمقًا نفسيًّا وفكريًّا، فتحوّل النّص إلى شهادة أدبيّة على جيل صُودر حلمه قبل أن يكتمل. ليست رواية خفيفة أو للتّرفيه، بل أقرب إلى مواجهة مع الذّات والتّاريخ، مواجهة تتركـ أثرًا داخليًّا طويل المدى وتُعيد طرح السّؤال المؤلم: ماذا بقي من الحلم؟ وكيف يعيش الإنسان حين يتحوّل رجاؤه إلى عبء؟

إنّها رواية موجعة، لكنّها تستحقّ القراءة. من يبحث عن نصّ يهزّه من الدّاخل سيجد ضالّته هنا..