رجل الشتاء - أيام كثيرة وصغيرة
تأليف
يحيى امقاسم
(تأليف)
الرواية تتشابك فيها أزمة الهوية لتكشف في النهاية عن عبثية الجهد، تبدأ بلقاء ينبض بالأمل وتنتهي بصمت طويل. "الذات والآخر" يترافقان بلغة حب إنسانية وجماليات خسارة ضرورية، في إطار روائي يتسم بالالتباس والاحتمال. مجازياً، تماثل الرواية بين باريس وفتاة فرنسية، وتستكشف معنى الاتساع والإنتماء. في زمن دائري، تبحر الرواية في واقع عربي يعيش في هذه المدينة، مسترجعة أزمانه المختلفة وردود فعله للتغيرات الحادة والتطرفات الحديثة، مع تعدد أشكال الحداثة المتوارية على تاريخ متخفي.
استعار الروائي مأساوية الوجود من نجيب محفوظ، وأسلوب اللغة من إدوار الخراط، ولهفة الزمن من جمال الغيطاني، واغتراب الإنسان العربي من عبد الرحمن منيف. جمع في نصه متعدد المستويات كل ما يرغب تجاوزه، معتمداً على اللغة كخالق للوجود وما يمكن أن يكون.
يتميز أسلوب الكاتب باستخدام الأفعال في صيغة الحاضر، مع حذف الماضي، بحيث تصبح الكتابة تنبؤاً بما سيكون، وتسود لغة الهامش، لغة "المتبقي"، حيث لا يبقى سوى انتصار قلب منهوب. يقترح الروائي مقاربة جديدة تقوم على ثلاثة عناصر: الزمن الذي "يأكل" الأشياء، مخلفاً وعياً يؤرق الذاكرة؛ ووعي الروح وسطوة الزمن الذي يجعل حياة الإنسان ماضيًا مستمرًا؛ ولغة مركبة تهدف إلى "تثبيت" اللحظة الهاربة.
تطرح الرواية تساؤلات عن كيفية تحويل الخيال الروائي إلى لغة تجسر الفجوة بين الممكن والممنوع، وكيف يصبح "الخيال اللغوي" منهجاً يستكشف "الحقيقة الشاملة". هنا تتجلى صعوبات التجديد وصناعة منهج خاص بالكاتب.
القراءة الواعية لهذا النص لا تفصل بين جهد الإنجاز والكتابة الهوسية بالفردية عند يحيى أمقاسم، الذي يبحث عن قارئ "صبور". فهذه تجربة أدبية لا تستحق قارئاً عادياً، بل تتطلب تفاعلًا مع نص عمودي يتجاهل الأفقي، حيث يحمل هذا التجريب في طياته اكتشافات مدهشة ومثيرة.