من يعيش الحرية، من الصعب أن يعود إلى القفص حتّى لو كان ذهبياً.
صعوداً نحو الحب
نبذة عن الرواية
رواية للكاتبة أحلام أبو عساف تصور فيها واقعاً إنسانياً لشاب عارك الحياة، وتجرع علقمها منذ كان صغيراً باحثاً عن الحب في غربته، وعاش حالة الصراع النفسي بين الممكن والمستحيل.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2023
- 176 صفحة
- [ردمك 13] 9789933384449
- دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتابمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
حسين قاطرجي
☆☆ مراجعة رواية "صعوداً نحو الحبّ" للروائية "أحلام أبو عسّاف".
كثيرةٌ هي البيوت التي يسودها جوّ التفكّك والاضطراب، عندما يتخاصم الأبوان يستحيل البيت الذي يراه الأطفال ملاذ الأمان إلى بيتٍ من رملٍ تجرفه أمواج الخلافات الزوجيّة، وتصير الحياة في عيون الأطفال مسرح صراعاتٍ لم يحضّرهم الزمان لمواجهتها.
عدنان (بطل الرواية) طفلٌ من هذا الواقع القاسي، لم ينل من الحياة إلا أحلاماً متلاشية، انتزعه القدر من حضن والدين لم يعرفا قيمة كنزهما الصغير. وهناك في أروقة الميتم حيث رماه أبوه شريداً، يبدأ الطفل رحلته في عالمٍ غريبٍ عنه، يبحث فيه عن أملٍ مفقود، يدٍ حانية، حضنٍ كان يأمل أن يجده لدى والديه. كان يبحث فيمن حوله عن وجه أمّه، صوتها، رائحتها، أي شيءٍ يشبهها ليمحوَ جراح الغربة من صدره النابض بالاشتياق، لكن دون جدوى، لقد ظل غياب الأم الرؤوم أكبر من أي محاولةٍ تجبر هذا الفقدان.
حين يلعب مع نظرائه الأيتام يرسم على ثغره بسمةً مصطنعة، يشاركهم ولو للحظاتٍ أوقات اللعب متناسياً وجعه المدفون وأصوات عراك والديه الدائم، هذا العراك الذي يدفع ثمنه الآن. لقد تعلّم منذ طفولته أخبث دروس الحياة وأثقلها على النّفوس وهي أنها لاتحقّق الوعود الجميلة بقدر ما تترك لنا شظايا من الأماني المحطّمة.
في مدار الرواية سنرى تحوّلاتٍ مفصليّة في حياة "عدنان"، وفي كل هذه التحوّلات لم يقدر على أن يعيش حياته، كان يعيش حيواتٍ تُرادُ له وتُخطّط له دون أن يختارها بنفسه أو يرغب بها (سفره إلى لندن، دراسته هندسة الطيران وتخليه مرغماً عن هندسة الزراعة، علاقته بشيرين، زواجه من عفراء. إلخ).
☆☆ أحببت في الرواية ثيماتٍ عدّة: أولها: تهميش الأم رغم حضورها على لسان ابنها؛ ولكن دون أن يكون لها مساحة تحكي فيها قصّتها، لم نسمع من صوتها إلا نداءها الدائم لابنها (اكبر وتعال) وهو الصوت الذي رافقه طيلة حياته. لقد عرفنا منه أنّها أمٌ لاحول لها ولا قوة، هي ابنة مجتمعٍ ينسج خيوط السلطة على نول الفحولة، ولقد لائم، إمعاناً لهذا التصوير، أن تُبقيها الكاتبة واقفةً مكسورة الخاطر في محيطٍ يجلدها رغم تفانيها.
أحببتُ أنّ العلاقة التي جمعت "عدنان وماريا" تقدّم لنا الحبّ بجوهره الأصيل، حيث يتجاوز الخلافات الطائفية والعقائدية والطبقية، ويرسّخ مبدأ الاحتواء والتفاني والتضحية دعماً للشريك. لقد أفلحت الكاتبة في تضليل القارئ، وإيهامه بأنّ أزمات الطفولة ستنعكس على شباب "عدنان" وعلاقته بالمرأة (علاقته بشيرين مثلاً)، لكنها ستثبت لنا مع توالي الأحداث بأنّ الحبّ الخالص الصادق جديرٌ بأن يتجاوز أزمات القلوب ويرمّم جراحها.
يُلعي من شأن الرواية، إذاً، طبيعة العلاقة بين "عدنان وماريا"، فبدايةً نتوهّم أن طفولة عدنان المستباحة ستأثر على تكوينه النفسي والعقلي في شبابه، وربما سيفقد القدرة على تحديد مشاعره تجاه ماريا (هل يجد فيها أمّاً حانية تسدّ مكان أمّه الغائبة، أم يحبّها حبّاً زوجيّاً صادقاً ويرى فيها شريكة حياته؟) هذا ما تحدّت به الكاتبة نفسها واستطاعت تفسيره وإقناعنا به.
تدور أحداث الرواية في النصف الثاني من القرن الماضي، ورغم ذلك لم تُشر الكاتبة، إلا شذراً، إلى الأحداث السياسية التي عصفت بالمنطقة وغيّرت موازين القوى والخريطة الجغرافية للبلد. كذلك لن نجد حضوراً للمكان، فهو في الرواية مجرّد حيّزٌ تدور به الأحداث فحسب، وهذا جميلٌ في منطق الرواية، لأنّ من فقد بيته الأول لن تعنيه باقي الأماكن. (سنلاحظ في نهاية الرواية عودة "عدنان" إلى الميتم لزيارته، وتوهمنا الكاتبة بأنّ هذه الزيارة ليست للمكان بقدر ما هي لاستحضار ذكرياته مع الأشخاص). لقد غيّبت الكاتبة عمداً التفاصيل المكانية والزمانية، لتُصبح الشخصيّات نقطة الارتكاز الرئيسية، حيث تُنسج القصص من خلال خطاباتها الداخلية وصراعاتها الذاتية، مما يضفي عمقاً فلسفياً للنّصّ. تتيح هذه التقنية للكاتبة استخراج الجوهر البشري، لتعكس من خلاله رؤىً فريدة للحياة والوجود.
● صعوداً نحو الحبّ.
● أحلام أبوعسّاف.
● دار نينوى للنشر والتوزيع.
● الطبعة الأولى 2023، 176 صفحة.